مازال الكثير ممن يعتبر لينين فوق النقد ودون الخطأ والمراجعة وهو ما تفاجأت به في حواراتي مع موقع الحوار المتمدن من العراق، بقدر ما كان لينين يتقن فن الكلمة بقدر ما كان سفاحاً.
وتعتبر كتابته لليساريين التي زادت عن 55 كتاباً كلمات معصومات فوق الزلل ودون النقد وأعلى درجة من الخطأ فهو نبي الشيوعية وهاديها.
هكذا يقول الماويون وأضراسهم من الشيوعيين الإيديولوجيين. وفي بلاد العربان من قال أكثر فادعى بأنه امتلك حلول كافة مشاكل الجنس البشري في الوقت الذي لا يحل مشكلة انحباس البول عنده. ولم يكن لينين يمارس القتل بيده بل كان يشنق بالجملة بجرة قلم.
وعندما تمرد الفلاحون على سياسته حين صادر غلال القمح معلنا البدء بالحياة الشيوعية وإلغاء الملكية الفردية فأمر بكل بساطة بشنق مائة من الفلاحين المعتبرين الأغنياء من كرام الناس من العهد السابق، وأكد عليهم أن يشهد شنقهم الناس جميعاً حتى يلجموا بالرعب حتى الأذقان. وخلال تطبيق الشيوعية مات الملايين جوعاً ومثلها في الحرب الأهلية.
والكتاب الأسود الذي نشر قبل عدة أعوام على يد فرنسي مخضرم في الشيوعية هو (ستيفان كورتوا) أظهر فظائع لا يتصورها الإنسان من موت أكثر من 100 مليون إنسان على يد الشيوعية ما لم تتورع عنه محاكم التفتيش والآرينا الرومانية لساحات المجالدين مع وحوش أفريقيا. مع هذا فإن اليساريين يقدسون تاريخ هذا الرجل ويسبحون بحمده. واليوم بدأ الكشف عن تاريخ الرجل الفعلي. فعرفنا الآن أن ما خطه يمينه من الوثائق الأصلية محفوظ في مكان سري تحت الأرض، يتم الدخول إليه بنفق وبعد عبور ثلاث بوابات مصفحة تقاوم صدمة قنبلة نووية! وبعد انهيار مملكة لينين وإنزال أصنامه بدأ التفكير في نقل جثمانه من الضريح، كي يموت عادياً فيأكل جسده البلى بعد أن بقي فيه سبعين سنة ويزيد، واليوم لا يجتمع لزيارته إلا أفراد معدودون من المتعصبين الشيوعيين المحبوسين في مربع الزمن، الذين أصبحوا خارج إحداثيات العصر، كما يحصل لأي عقيدة إيديولوجية متصلبة فتهترئ وتتساقط بعد حين. وكل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون.
وعندما دخل العديد من الباحثين ليقرؤوا ما سطرت يدا هذا الرجل اكتشفوا علاقة سرية غرامية مع سيدة أرستقراطية فرنسية ـ وهو الثوري البروليتاري ـ أحبها وعاشرها بجانب زوجته المقرودة (ناديا كروبسكايا)، ولم يكشف الشيوعيون هذا الجانب الخفي من علاقة زعيمهم مع (آنيسيا أرماندا) إلا بعد أن سقط الصنم الكبير الاتحاد السوفيتي. ومن أعجب التحليلات التي ظهرت عن الرجل وهي لماذا استعجل في تطبيق النظام الشيوعي بكل قسوة فمات من الجوع في نكبة عام 1920 م خمسة ملايين من الأنام.
وجاء التحليل يكشف أمرا مدهشاً وأنه يعود إلى سبب فيسيولوجي شخصي؛ فالرجل كان مصاباً في دماغه بعلة تعرض بعدها أكثر من مرة لصدمة دماغية، وهي المعروفة بالسكتة الدماغية طبياً، وفي أواخر أيامه لم يعد يعرف أقرب الناس إليه، وتحول إلى حطام تذروه الرياح، وحرص المجرم (ستالين) أن يعزل لينين طوال كل تلك الفترة ليملك الأمر من بعده.
والسبب الآخر لعجلته في تطبيق الشيوعية، وكان الإنسان عجولا، أن هناك من نبأه أنه سيموت بالشلل وبعمر صغير، فكان يكافح لإنجاز مهمته في سباق مع الزمن، بسبب خوفه أن تخطفه يد الموت حتى يسجل اسمه في الخالدين.. ولو على أهرامات من الجماجم مثل أتيلا وهتلر وتيمورلنك وبول بوت وبونشيه الأرجنتيني وفرانكو الإسباني.
ومع أن العقيدة الشيوعية كانت ترى المجتمع السوفيتي ليس مؤهلاً للتطبيق الشيوعي لأن الشيوعية حسب تحليلات ماركس تأتي في ذروة الرأسمالية، ولكن لينين أصر على حرق المراحل، ولم يكن المجتمع الروسي أكثر من مجتمع فلاحي متخلف.
والمهم أن هذا الرجل كان مميزا قاسيا عتلا باغيا جبارا متجبرا لا يعرف الرحمة ويعرف كيف يضرب ضربته.
وكان قد درّب في باريس عصابة من القتلة لخطف الثورة، وأخطأ كيرنسكي يومها بالاستمرار بالحرب ضد ألمانيا مع تنازل نيقولا الثاني وعدم وجود خليفة له ثم إرسال الألمان له أي لينين بقطار مغلق عبر الأراضي السويسرية وشحنه لاحقا بخمسة ملايين من الماركات الذهبية.. كل ذلك يزيد وينقص دفعته لركوب موجة الأحداث من أجل تدمير حياة ملايين من البشر.
ومن الأمور التي كشف النقاب عنها أنه أدرك خطورة ستالين ولكن بعد فوات الوقت، وإصابته بالشلل والخرس وسقوطه في نفس قبضة النظام الشمولي الجاسوسي الذي بنته يداه. "وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون".