الفوز في عقلية برشلونة يصبح أقل أهمية من دون أخلاق، لأن من المهم عند كل كاتالوني صميم، أن يكون الفوز نحو "الطريق الصحيح"، بينما في الجانب الآخر عند ريال مدريد، الفوز هو الهدف النهائي.

النادي الكاتالوني موجود للفوز، وقرن من الاضطهاد لهذه القومية خلق رثاء في ناد لكرة القدم وجعله تظاهرة ثقافية مع تعاقب السنين.. وشكلا لا يقل أهمية عن النتيجة في المستطيل الأخضر.

الذين يعيشون مع هذا المعيار نادرون، فهو في غاية الصعوبة، وفي كل مناحي الحياة أيضاً، و"الخسارة" عند البارسا ومنسوبيه لا تعني الخروج عن حياض الأخلاق، بمعنى أفلاطوني أن "الجمال" هو كسبب التفوق الأخلاقي.

إن نهج برشلونة الأيديولوجي يثير الانتباه أكثر من نموذج ريال مدريد، ويصبح من الأسهل وببساطة أن يلعب الفريق المباراة كلعبة، لكن أن يصبح لعبه ناتجا عن فلسفة على أرض الواقع، فهذا هو الأصعب بل المستحيل بعينه.

برشلونة فريق صمم ليكون تعبيراً عن دوافع فلسفية، وبالتالي أصبح النموذج اللامع في التاريخ الكروي، والذي فاز بكل شيء، وينظر إليه على أنه "فريق الحلم".

على هذا النحو، برشلونة في الصدارة على الدوام داخل وخارج الملعب، وبرصيد أخلاقي مميز، وهذا هو الأصل والمصير في عقلية البرشلونيين على مر العقود وما زالوا.

ومحصلة برشلونة الأدائي يمنح أهمية للفوز، على أن يتصل شرطاً بجماليات كرة القدم، إذ إن الجانب التنافسي هو المبدأ الذي حول اللعبة بأكملها إلى تنظيم، وجعلها لعبة، والصراع بدوره يخلق القدرة على الدراما.

قبل بضعة أشهر سعيت إلى البحث عن مصطلح "اللعبة الجميلة"، وشرحت لي المصادر، أولاَ أن قدرة كرة القدم للجمال امتداد لقدرتها على القبح، وأن ذلك هو السبب في جعلها لعبة غير متسقة في كثير من الأحيان، وأن لحظاتها مفاجئة.

ثانياً، إن ما جعل كرة القدم جميلة في نهاية المطاف هو أن القواعد هي جزء من المباراة، والتي كانت على استعداد للسماح لكثير من البلبلة والتعسف، كل ذلك جعل لكرة القدم تناظرية لحياة العبث والمأساة التي مكانها أرض الملعب.

وكرة القدم كما نعلم، هي لعبة فريدة من نوعها، وجمهورها فيه الجيد والسيئ، وكذا هي أيضاً أنماط معينة من اللعب في كل مباراة تتراكم، وتقوم على أساس فكرة الفعالية أو سلامة التكتيك.

ويعتقد كثيرون أن البارسا هو جزء كبير من عبقرية خاصة للرياضة وليس كرة القدم وحسب، فما يقدمه بنجومه لعبة جميلة، وشيدت دائماَ من النحت والمنطق، وكرة القدم لهذا الفريق لعبة وأخلاق.

ولا يمكن فصل البارسا عن جمال وإبداع في كل فرقه ولاعبيه ونوابغه.

على أي حال، فريق برشلونة يمثل مزاجا جميلا ومريحا، اكتسح العالم بفضل أخلاقياته قبل إبداعات نجومه وماهريه الأفذاذ، ودائماً يصبح هذا الفريق أكبر من أي مباراة يخوضها سواء على المستوى المحلي والقاري والدولي، وآخرها كان مساء السبت أمام هيروكليس والثلاثية الجميلة من ميسي وبيدرو.