تبدو الكعكة الكبرى (مصر) على الأقل جاهزة أمام جماعة الإخوان المسلمين ومقعد السلطة الذي ناضلت هذه الحركة من أجله منذ عام 1926. هذا إن صدقت التنبؤات وبيانات الفضائيات التي تقول إن حركة الإخوان المسلمين هي الأكثر نفوذا وسيطرة على الشارع المصري في حال انتخابات حرة نزيهة، مع أن الواقع يشير إلى أن الإرث الليبرالي الطويل للنخبة المصرية لن يتحول بهذا القدر من السذاجة إلى النقيض سيما وأن الديموقراطية الحقة دائماً ما تسير حسب قدرة النخب على توجيه وتشكيل الوعي المجتمعي.

وبزعمي أن الفرصة مواتية لأن تضع الحركة نفسها أمام الامتحان الأصعب الحقيقي منذ نشأتها قبل ثمانية عقود ونصف. ستكتشف أن آمال الشارع المصري وطموحاته كانت وردية مغرقة في التفاؤل أكثر مما يجب. ستجد أي حركة سياسية سواء كانت حركة الإخوان أو غيرها من أحزاب المعارضة المصرية أن الظروف أكثر من مجرد التغيير. إطعام ثمانين مليون فم وتوفير الوظيفة لما لا يقل عن عشرين مليون عاطل ليس بالمهمة اليسيرة و حتى يمكن وصفها بكل بساطة بمفردة ـ المستحيل ـ وأعظم نظام ديموقراطي تعددي في مثل هذه الظروف قد يقدم النزاهة والعدالة والنوايا الحسنة ولكنه سيفشل حتماً فيما هو أبعد من النزاهة. ستجد نفسها مجبرة على تحويل الشعارات إلى برامج عمل ولكن في ظل موارد شحيحة وتعليم متأخر وناتج قومي لا يتسع في أحسن الأحوال لربع عدد السكان. على الحركة أن تدرك أن المسافة اليوم باتت شاسعة ما بين عام النشأة 1926 وبين اليوم : بين 25 مليوناً آنذاك وبين ثمانين مليوناً بتعداد اللحظة مع الفوارق الهزيلة جداً في مجمل الاقتصاد ما بين الفترتين. ومن أراد لحركة الإخوان أن تسجل فشلها الذريع فليدفعها إلى مواصلة الحلم. الحركة ستكتشف أن الجوعى والمحبطين والعاطلين اليوم لن يعيشوا بالشعارات، ثم إن اللحظة التي قفزت فيها الحركة إلى سنام الحلم الطويل هي لحظة مقارنة. كل الجماهير ستختبر مع الحركة أو مع غيرها فوارق التغيير ومؤشرات الوعود ونتاج التضحية وهو ما لم يكن من قبل.