يبدو أن القنوات الفضائية المصرية الخاصة قد أصابها مسٌ من الجن منذ اندلاع ثورة الغضب المصري، فبدت - يا عيني - مبلبلة ومحتارة كيف تغطي الأحداث الساخنة التي كهربت العالم! بينما غاب التلفزيون المصري الرسمي عن التغطية وكأنه يعيش في كوكب آخر؛ كما غاب غيره من التلفزيونات الرسمية! ليذيع التلفزيون المصري بيانا عن السيطرة التامة على المظاهرات؛ بينما كان ميدان التحرير يلتهب بالاحتجاجات الشبابية النارية! أما الفضائيات المصرية الخاصة فكل يوم هي في شأن؛ لتمارس الخلط والغمط والتعتيم والحذف والإضافة ودس السم في العسل - ويا ما في الجراب يا حاوي- من ألاعيب إعلامية لخداع المتلقي وتضليله وتزييف وعيه! وكل يوم يخرج مذيعوها وكثير من ضيوفها بقناع جديد ليتواءم مع الأحداث آنيا، وحبه فوق وحبه تحت واللعب على الحبلين على أشده، والعصا ممسوكة من المنتصف ليظل خط الرجعة في متناول اليد في حال رجوح الكفة هنا أو هناك، وفي غمضة عين يتم التحول إلى خطاب الضد! وهذا عماد الدين أديب يلعب بالبيضة والحجر في استخفاف فجّ بالمتلقي؛ فهو تارة يمتدح الثورة وشبابها وأخرى يقسم بالله جهد إيمانه إن هناك مؤامرة يلمح أنها أمريكو إسرائلية وعن وجود عناصر أجنبية في الميدان! أما "عمار الشريعي" فخرج يعاتب التلفزيون المصري على تخلفه عن تغطية الحدث العظيم، مما اضطره إلى متابعة قناة "الجزيرة" -رغم كرهه لها-؛ مشيدا بمصداقيتها في نقل الحدث. ثم كال المديح ألوانا للثورة وشبابها معتذرا لهم لظنه يوما ما أنهم "خرعين"، ليعود معلنا بعد يومين من المداخلة الأولى عن اختطاف الثورة على أيدي الإخوان المسلمين، مما جعل عددا كبيرا من الشبان الذين يعرفهم يغادرون ميدان التحرير إلى غير رجعة! لنراه صائلا جائلا بالميدان إياه مع الثورة -التي وصفها بالمختطفة - في اليوم التالي تماما. وكلام الليل مدهون بزبدة! أما عن الشائعات فحدث ولا حرج، حتى إن قناة "المحور" خرجت مهللة مكبرة؛ وصفق المذيع والضيوف عند تلقيهم مكالمة – مفبركة – تنبئهم بمغادرة جميع الشباب المتظاهر للميدان عشية ما أسماه المتظاهرون "جمعة الرحيل".. وسلم لي على الصدق والمصداقية! فيما لم يتبق فنان أو فنانة إلا وأدلى بدلوه وتحول إلى محلل سياسي، حتى إن الفنانة المحجبة "عفاف شعيب" نادت باستفتاء شعبي، ثم توقعت أن نتيجته ستكون 90 % لصالح الريس فيما لو كان استفتاءً - نزيها - كما تقول عفاف؛ وسلام مربع للنزاهة والمصداقية والتوقعات الاستشرافية!