مع ارتفاع حدة التوتر في شوارع القاهرة ومدن أخرى في مصر، زاد القلق في إيران.
العلاقات بين البلدين، التي كانت وثيقة على مدى فترة طويلة من الزمن، انقطعت بعد الثورة التي حصلت في إيران ووصول النظام الإسلامي الذي حل مكان نظام الشاه محمد رضا شاه بهلوي.
كانت مصر هي المكان الأخير في العالم الذي قدم المأوى لشاه إيران المخلوع. آخر شاه في إيران وصل ليرتاح في القاهرة في نفس المكان الذي كان فيه قبل حوالي 50 عاما قبل مغادرته مع زوجته الأولى، الأميرة فوزية، إلى طهران.
كان قدره أن يدفن بالقرب من زوجته السابقة وابنته من زوجته المصرية.
الرئيس حسني مبارك، الذي كان قريبا جدا إلى الرئيس الراحل أنور السادات، وصل إلى السلطة بعد اغتيال السادات من قبل الإسلامي المتطرف خالد الإسلامبولي، وهو لم يسامح النظام الإيراني بسبب الابتهاج الذي أظهره النظام في طهران عقب عملية اغتيال السادات.
بذل كل من الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي الذي وصل إلى السلطة في عام 1997، والرئيس محمود أحمدي نجاد الكثير من الجهد لتحسين العلاقات مع مصر.
أعرب الرئيس أحمدي نجاد في مقابلتين مع صحيفة (Egyptian Gazette) المصرية عن استعداده لتحريك العلاقات بين البلدين إلى مستوى أعلى في أقرب وقت حالما وافق الرئيس حسني مبارك. وكما قال الرئيس الإيراني "بمجرد توطيد علاقتنا فسوف أفتح سفارتنا في القاهرة مباشرة".
والآن مع الانتفاضة القائمة في شوارع مصر فإن الاستعداد لفتح سفارة إيرانية في القاهرة وتحسين العلاقات بين البلدين يتزايد بين الإيرانيين العاديين فضلا عن قادة الجمهورية الإسلامية.
الشخص الوحيد المتبقي للقرار هو الرئيس المصري حسني مبارك. بغض النظر عمن سيصبح الرئيس المصري الجديد، فإن هذا التغيير يعني بالنسبة للإيرانيين احتمال أن أيام العلاقات السيئة والمرارة بين البلدين قد تنتهي قريبا. تماما كما سمح سقوط نظام صدام حسين لكثير من الشيعة الإيرانيين بتحقيق حلمهم في زيارة المزارات الشيعية في العراق -والذي كان مستحيلا في عهد صدام حسين- بدأ كثير من الإيرانيين الآن يتساءلون عما إذا كان سيسمح لهم قريبا الانطلاق في أول رحلة إلى منطقة الأهرامات في مصر وقبر الشاه الراحل محمد رضا بهلوي في مسجد الرفاعي. فهل يمكن أن يتحول هذا الحلم إلى حقيقة عما قريب؟
بقدر ما يتحمس الناس العاديون في إيران لهذه التغييرات الجديدة في مصر، يراقب النظام الإسلامي عن كثب التطورات في القاهرة بحرص وحذر، لأنه ليس متأكدا أي نوع من الحكومة قد تحل محل حكومة الرئيس مبارك، وعما إذا كانت مصالح الحكومة الجديدة ستكون مماثلة لمصالح النظام الإيراني، وهل ستكون لدى هذه الحكومة نفس رغبة الحكومة الإيرانية التي ترغب في وضع نهاية للعلاقات الباردة بين البلدين منذ 32 عاما.
كما أن النظام الإيراني حذر بسبب خوفه من التأثير الذي قد يكون للانتفاضة المصرية ضد الرئيس مبارك على الشارع الإيراني. أولئك الإيرانيون الذين نزلوا إلى الشوارع قبل عامين للتظاهر ضد الانتخابات الرئاسية الإيرانية أعلنوا على الفور عن مطالبهم الحقيقية وهدفهم الحقيقي من الاحتجاج -التعبير عن غضبهم ضد المرشد الأعلى الذي تولى السلطة قبل عشرين عاما ولا يبدي أي نية للتنحي عن منصبه أو تقليص صلاحياته المطلقة.
سُحقت الاحتجاجات الإيرانية بشدة من قبل الحرس الثوري الموالي للمرشد الأعلى وقوات الأمن، لكن الإيرانيين الآن يشاهدون أصدقاءهم المصريين القدماء يتظاهرون ضد الحكومة، وهذا قد يوقظهم مرة أخرى، تماما كما حدث في الأيام الأخيرة في الأردن واليمن.
لكن هناك أيضا جانبا آخر لهذه القصة. معظم رجال الدين المتشددين في إيران يرون الانتفاضة المصرية متأثرة بالثورة التي وقعت في إيران منذ 32 سنة ماضية. واليوم أعرب كثير من المصريين الذين تحدثت معهم في مدينة نيويورك عن تخوفهم من أن تستغل بعض الحركات الإسلامية المتشددة موجة التغيير والديموقراطية في مصر لتصل إلى السلطة، الأمر الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى قيام نظام في مصر شبيه بالنظام الموجود في إيران اليوم. هذا يوقظ الذكرى المريرة للثورة التي وقعت في إيران منذ ثلاثة عقود ويعطي للمصريين رؤية واسعة لمعرفة ما يريدونه من الحكومة الجديدة في مصر بالضبط.
ربما توقظ صحوة المصريين الشعب الإيراني للدفاع عن حقوقهم مرة أخرى. وربما تفقد إيران رغبتها في إقامة علاقات مع مصر بعد انتهاء عهد مبارك ، لأن الديموقراطية في مصر ستكون مثالا سيئا لإيران!