يتابع الناس من أقصى الوطن العربي إلى أقصاه الفضائيات العربية التي تنقل وتلاحق الأحداث في ليبيا وغيرها من الدول العربية التي تعاني من اضطرابات داخلية، غير أن ليبيا ظلت متصدرة للمشهد التلفزيوني بحكم أن ما يحدث فيها لم يعد مجرد اضطرابات بل ثورة شعبية حقيقية يواجهها الرئيس القذافي بأشد الأسلحة فتكا ليحول عددا كبيرا من مواطنيه إلى جثث من أجل استمرار زعامته. وإن كانت أجزاء مسلسل "باب الحارة" انتهت ورحل معها العقيد أبوشهاب، فإن "عقيد" ليبيا يصر على البقاء والقتال ويقود المعركة ضد شعبه في حالة من أغرب معارك تاريخ الحديث.
يتصدر معمر القذافي وأبناؤه المشهد الفضائي العربي ليضيفـوا فصولا جديدة إلى سيرهم الـذاتية المتخمـة بالأحداث، غير أن الفصـول الجديدة ليست خضراء كما يحب الزعيم الذي اهتزت مكانته، بل هي سوداء ملطخة بالأحمر.. ومن ابن يهدد الشعب بحـرب إلى أب يلقي خطابا أشبه بالتهـريج، إلى ابنة تتحدث عن أمجاد أبيهـا، إلى أخبـار عن انشقاق أصغر الأبناء..... وما زلنـا نتابع... فالمقبل مبهم، والإعـلام تحت ضغوط غير عاديـة، والعقيد الذي يؤكد أنه لا يمتلك منصبا ليستقيل لن يتزحزح فهـو بقناعته قائد ثورة البلد ليس أكثر، ولهذا فهو يؤكد أنه البلد والبلد هو، ويؤكد أيضا أنـه المجـد والتاريخ. أما "الجهلة" ممن وصفهم بـ"الجرذان والجراثيم" الذين لا يقدرون قيمته فسـوف يحاسبهم بعد أن أعلن الزحف عليهم.
تضاف ابتكارات الشارع العربي الذي صار مبدعا في التقاط القفشات والطرائـف إلى سيرة "العقيد" الحديثة، وعجبـا لـ"عقيد" لا يغادر الحارة وهو يقرأ عبارات مثل "الشعب يريد علاج الرئيس" أو "عاجل.. التلفزيون الليبي يهدد بإعـادة خطاب القذافي إذا لم يستسلم الشعب...." أو يرى ما يتحفنـا به الزميل محمد الفهيد على الفيس بوك من تقليـد فكاهي، أم إنه لا يقرأ ولا يرى مـا ينتشر عنه..
ويبقى سؤالان: لماذا لم يرفّع العقيد نفسه لرتبة أعلى؟ ومتى يغادر؟