تبدو الأحوال متماثلة من أقصى مشرق الوطن العربي إلى أبعد نقطة في غربه.. يسيطر المونديال، وهموم الاختبارات الجامعية.. ويتحول الحديث إلى الكرة ومبارياتها ونجومها وأهدافها، فيما ينزوي السؤال عن مواد الاختبار خجولاً. وكحال غيرهم، وجد طلاب الجامعات السورية أنفسهم تحت وطأة تزامن امتحانات نهاية العام مع المونديال، ولذا طغت أحاديث هذا الأخير على لقاءاتهم بدل الحديث عن توقعات الأسئلة، فهذا مسرور لمنتخبه، وذاك حزين، وآخر يتحدث عن الفرص المتاحة للمنتخب الذي يشجعه. كن هناك شبه إجماع حول النتيجة المخيبة للإسبان، والأداء الهزيل للفرنسيين والإنجليز، وهناك رهان على فرقة مارادونا، وإن خالف سليم متوقعاً خروجها من الدور الثاني حيث يتوجب عليها ملاقاة الأقوياء. بدوره، يعتبر عماد المنتخب الإيطالي الحصان الأسود للبطولة، وتوقع أن يشق طريقه إلى النهائي، بينما أبدى كميل أسفه على الظهور المخيب للفرنسيين معللاً السبب بالوضع النفسي السيء للاعبين وضرورة رفع الروح المعنوية لديهم. ولا يقتصر الحديث الكروي على الطلاب فقط، بل تشارك فيه طالبات أيضاً، فيبدين رأيهن بوضوح ودراية حول أحقية الفوز وطرق اللعب دون أن ينسين أو يشيرن إلى جمال وجاذبية بعض اللاعبين، وتشير سهى الطالبة في السنة الثالثة بكلية الاقتصاد إلى المنافسات الشديدة، وتعرج من خلال اختصاصها على الجوانب المادية في المونديال، فتتحدث عن الأرقام المالية التي صرفت على بناء الملاعب وعلى عائدات المونديال، ومن هو أغنى لاعب ومدرب في المونديال، وفي خضم هذا الحديث الساخن عن كرة المونديال تتفق كل شلة من هؤلاء الطلاب على متابعة المباريات في مكان محدد، شرط أن يسدد كل منهم ثمن مشاريبه إن لم يكن هناك رهان على النتيجة. وفي ظل هذه الأجواء المحمومة لطلاب الجامعات يختبئ قلق الأهل على مستقبل أبنائهم، فيقول أبو أحمد "أخاف على ابني فهو في سنة التخرج من كلية الحقوق، وعليه أن يبذل جهداً مضاعفاً، ولكن كل يوم أشاهده يرافق أصحابه إلى المقهى لمتابعة المباريات، ولم تنفع معه كل النصائح الودية، هو واع ولا يجوز أن أشدد عليه أكثر أو أن أوجه له أي كلمة قاسية أمام أصحابه". أما سميح أبو خالد فيتحدث بجدية واضحة على محياه عن الانضباط الذي فرضه على أبنائه خلال المونديال، مبيناً أن مصلحتهم هي الأهم وولعهم بكرة القدم لا يصنع لهم مستقبلا منوهاً إلى أنه وضع بالاتفاق معهم برنامجاً لمشاهدة المباريات المهمة في الدور الأول، ومن ثم متابعة الدور الثاني حسب المواد التي سيقدمونها بحيث لا تتعارض مع موعد تقديم الامتحانات.