إذا كان من شيء يسجل لثورتي تونس ومصر ولانتفاضتهما الشعبية وصول عدواها إلى لبنان، وإن كانت ما زالت الحركة هجينة وتواجه صعوبات جمة لكي تتحول إلى حركة شعبية واسعة.
الدعوة في لبنان كانت على طريقة وائل غنيم، عبر الفيسبوك، نظمها شباب من كل المناطق والطوائف والأحزاب، رغم أن التظاهرة التي سارت أول من أمس تحت المطر لم ترفع باستثناء العلم اللبناني أي راية حزبية أخرى، مما يبشر بالخير ويدعو إلى التفاؤل في مستقبل الانتفاضة الناعمة.
لم يطرح المتظاهرون أي شعار سياسي، لا بل إنهم لم يرفعوا أي شعار مطلبي يطال الوظائف أو تحسين الظروف الاقتصادية. رفعوا فقط شعار "نريد إسقاط النظام الطائفي".
لاقت الفكرة استحسان الجميع، لأن كل اللبنانيين ملدوغون من أفعى هذا النظام، وإن كان من الصعب التخلي عنه نظرا للتراكمات الطائفية والمذهبية التي مر بها لبنان.
كان بين المتظاهرين، حـسب ما شوهد من خلال الصور، من ينتمي إلى الأحزاب اليسارية، والأحزاب الدينية، إضافة إلى عناصر من تيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل. وإن دل هذا على شيء إنما يدل على أن من ينتمي إلى هذه الأحزاب يدرك أن مصلحته الخاصة تلتقي مع هذا التنظيم أو ذاك، ولكن مصلحة لبنان في مكان آخر، عبر عنه هذا الكم القليل من الشباب والذي سيتراكم يوما بعد يوم ليكبر ككرة ثلج.