الأجواء الاحتفالية الرائعة التي تسود أرجاء الوطن، كل الوطن بمناسبة عودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى أرض الوطن سالماً معافى، ومحاطاً بهذا الفيض الوافر من المشاعر الجياشة والأحاسيس الصادقة التي عكست المحبة والتقدير والاحترام الذي يحظى به هذا الأب الكبير والقائد العظيم من قبل كل شرائح المجتمع السعودي؛ ظاهرة تستحق الإعجاب والتأمل، لأن خادم الحرمين الشريفين كسر القاعدة النمطية التي تُبرز الانجذاب الذي تُبديه شريحة ما لشخصية عامة، بينما هو ـ يحفظه الله ـ يحظى بحب وإعجاب كل الشرائح.

لم تكن كل هذه الفرحة العارمة والسعادة الغامرة التي كانت أشبه بكرنفال احتفالي عفوي عاشه الوطن من شرقه لغربه ومن جنوبه لشماله إلا تجسيداً لمتانة العلاقة التي تربط هذا الأب القائد بشعبه الوفي.

عبدالله بن عبدالعزيز، هكذا بدون ألقاب أو مسميات، لأن الأسماء المجردة في كثير من الأحيان أهم وأعظم من كل تلك الألقاب، هو شخصية استثنائية ذات أبعاد متعددة، ويملك قدرة فائقة على كسب وجذب كل من يعرفه أو يسمع عنه، كما أنه ـ يحفظه الله ـ يمتاز بصفة القيادة الحكيمة المسؤولة والتي برزت في الكثير من المواقف والأحداث الداخلية والخارجية، مما أكسبه احتراماً وتقديراً على مختلف الصعد، وفي مختلف المستويات، ويأتي حضوره السنوي في صدارة الشخصيات العالمية الأكثر تأثيراً على مستوى العالم تتويجاً وتثميناً للدور الكبير الذي يضطلع به هذا القائد الكبير، خاصة في مثل هذه الأيام العصيبة والأوضاع المضطربة التي يعيشها العالم، خصوصاً العالم العربي الذي يشهد تحولات جذرية وثورات واحتجاجات متلاحقة، بدأت في تونس، مروراً بمصر، والآن في ليبيا واليمن والجزائر والبحرين وعمان.

ولعل تزامن العودة الميمونة مع هذه الحزمة الكبيرة من القرارات السامية والإصلاحات الكبيرة أشاعت -ومازالت- مناخاً من الثقة والاطمئنان والأمل في نفوس كل أفراد المجتمع السعودي الذي يعقد الآمال العريضة على هذا الإنسان الكبير الذي نذر نفسه لخدمة شعبه.

الملاحظة السريعة على هذه القرارات والأوامر الملكية التي تجاوزت الـ 30 بنداً تفصيلياً أنها تتلمس الاحتياجات الأساسية التي يتطلع لها المواطن، لأنها مبادرات وإصلاحات تنموية مستدامة، وليست مجرد مكرمات مقطوعة أو هبات وقتية. إنها قرارات لامست معاناة الشرائح المتواضعة في المجتمع السعودي كالفقراء والأيتام والأرامل والمعاقين وموظفي بند الأجور وذوي الدخل المنخفض والعاطلين عن العمل والطلاب.

أكثر من 130 مليار ريال هو مجمل المبلغ الذي رُصد لهذه القرارات، ستصرف في الكثير من المجالات والقطاعات والمرافق، وعلى الكثير من المواطنين المستفيدين من تلك القرارات التي لن تُشكل ـ إن شاء الله ـ أي عجز في الميزانية العامة، خاصة في ظل الارتفاع المحموم لسعر البترول بسبب الأوضاع العربية، وبالأخص ما يحدث في ليبيا والجزائر.

لقد ركزت تلك القرارات والأوامر في مجملها على الجانب الإنساني الذي يهتم به خادم الحرمين الشريفين كثيراً، والآمال المعقودة على هذا القائد الكبير لا تعرف الحدود.

نحن -ولله الحمد- نملك الإرادة الحقيقية والرغبة الصادقة والنظرة الإنسانية التي تتجسد بكل وضوح وصدق في عبدالله بن عبدالعزيز، هذا الإنسان الكبير الذي يُريد الخير والإصلاح والازدهار لهذا الوطن العزيز.

كل خطوة من خطواته الواسعة تؤكد ذلك. تلك هي الحقيقة التي لا يختلف عليها أحد، فمنذ أن تولى مقاليد الحكم في الأول من أغسطس 2005م، بل وقبل ذلك، مُتبنياً مشروعه الإصلاحي الذي طال كل تفاصيل الحياة في هذا الوطن. إصلاح التعليم والقضاء والصناعة والثقافة والصحافة، وأسس للكثير من الثقافات والمبادرات كالحوار الوطني والدعم غير المحدود للمرأة، وغيرها الكثير من التفاصيل الصغيرة والكبيرة.

إن طموحات وتطلعات هذا القائد الكبير أكبر بكثير من قدرة التنفيذيين، مما تسبب ـ للأسف الشديد ـ في ظهور هذا الإيقاع البطيء لمعظم تلك الإصلاحات التي بشر بها المشروع الإصلاحي الضخم الذي تبناه ومازال خادم الحرمين الشريفين.

في وطننا العزيز، الملك وهو رأس الدولة وصاحب القرار الأول والأهم فيها هو من يُنادي بالتطوير والإصلاح والتغيير. هذه المعادلة يجب أن تُستثمر جيداً في حدها الأقصى للنهوض بهذا الوطن الكبير إلى مصاف الدول المتقدمة، وهو المكان الذي يستحقه منذ عقود، لأننا نملك من الإمكانات والقدرات البشرية والمادية ما يجعلنا في صدارة الدول العظمى.

خادم الحرمين الشريفين، أطال الله في عمرك ومتعك بالصحة والعافية، فأنت صمام الأمان الحقيقي لهذا الوطن الذي أحبك بكل صدق وإخلاص.