مثلما كان أبو الطيب المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس بإبداعاته الشعرية في عصره، ملأ العقيد القذافي في أيامنا الحالية الدنيا وشغل الناس بكونه مادة خصبة لإبداعاتهم. فأغنية "شبر شبر بيت بيت.... زنقة زنقة" قد تكون الأكثر سماعا في الكرة الأرضية، وهي لم تعد أغنية يوتيوب فقط، فالفضائيات تبثها أيضا. وصار الفنانون يتسابقون على تقليد "العقيد" وما أسهل تقليده! وما عليك إلا أن تقوم بنزهة يوتيوبية سريعة لتجد الفنان السعودي فايز المالكي يقلد القذافي، ومثله الفنان الفلسطيني إسلام أيوب وأشخاص من مصر والأردن والمغرب وغيرها...
ومن المقاطع التي انتشرت مؤخرا على اليوتيوب سهرة في بيت الممثل دريد لحام على شرف القذافي عام 2008 أحياها المطرب علي الديك بحضور عدد من الفنانين ومرافقي "العقيد".. ولأن دريد لحام صار في موضع الاتهام بعد ثورة الشعب الليبي على من اعتُبر صديقه!، كان لا بد من التبرير مع تزايد الاتهامات، فوقع على بيان للمثقفين السوريين يهاجم الرئيس الليبي ويدعم الثورة ضده، وقال إن من نشر الشريط يريد تشويه صورته، وإن تلك الزيارة كانت في دمشق على هامش مؤتمر القمة العربية برغبة من القذافي نفسه.
http://www.youtube.com/watch?v=-UXcPSY9XF8
بعيدا عن الزيارة، مهما نفى دريد لحام ما وُجه إليه من اتهامات بالوصولية ومصاحبة الطاغية وترخيص النفس، تبقى التساؤلات قائمة عن سرّ أفول نجمه وضعف أعماله بعد قرار الراحل محمد الماغوط بعدم الكتابة له أو التعامل معه. أخيرا، ربما عقل القذافي عام 2008 كان متأثرا بستينيات القرن العشرين ولم يتزحزح عنها، ولا أحسبه يوم ذهب إلى بيت دريد لحام إلا باحثا عن مجالسة "غوار الطوشة"، تلك الشخصية التي قدمت أعمالا تقبلها العقل العربي آنذاك مثل "حمام الهنا" و"صح النوم" و"مقالب غوار"، لكنه أكل مقلباً حين تبرأ منه دريد واصفاً إياه منذ أيام بالدكتاتور.. وأكل مقلباً قبله حين انقلب الشعب عليه.