كتبت تقول (إني أتشرف أن ساقطي الثقافة السعودية لم تمس أقلامهم روايتي). كانت تعبر عن تبرم وسخط عارم لما تعتبره تجاهلا لروايتها.

بينما على صفحتها في الفيسبوك كتبت المحاضرة في جامعة أم القرى منى محمد متذمرة وبنبرة حادة

(.. وأنتم أيها الكُتّاب العباقرة, إن هذه الطريقة الني تنتهجونها لترويج كتبكم ومقالاتكم خرجت عن كونها طريقة للترويج إلى "كدية واستجداء").

في الخمس سنوات الأخيرة ـ تقريبا ـ بات يرافق فعل الكتابة سواء مقالات صحفية، أو إصدارات إبداعية، هوس بالترويج عبر كل الوسائط الإلكترونية، هوس يكاد يصل غالبا لما سمته منى (كدية واستجداء).

بعض المراقبين ينظرون للمسألة من زاوية إيجابية، منطلقين من الإيمان المطلق بحرية الفرد أولا، ثم مما يعتبرونه قصورا في صناعة الكتاب من قبل دور النشر التي يرون أنها لا تعنى كثيرا بمهمة الدعاية والتسويق للمنتج الإبداعي، ما يضطر الكاتب للترويج لمنتجه بطريقته الخاصة.

لكن ثمَّة مراقبين آخرين ينطلقون من رؤية سلبية تتماهى مع مقولة (الكدية والاستجداء) ومن يقين راسخ بأن الكتابة الجيدة المحققة للشرط الفني تلقى رواجا وتنتشر وتصل للمتلقي ولو بعد حين، بغض النظر عن أيما ترويج أو استجداء وتسول.

كثير من الكُتَّاب الجدد أو الحالمين بأن يكونوا كتابا ـ وهذا من حقهم بديهيا ـ يتورطون في فخ الاستجداء حد إثارة الحكة لديك، ما يشكك في منطلقاتهم الكتابية ونواياهم، ويظهرهم بجلاء وفجاجة طلاب شهرة وشحاذي أضواء، وهذا وأيم الله لا يتسق البتة وطبيعة أو تكوين الكاتب السوي/ الفنان الحقيقي.

نعم هناك شغف حد الشراهة لدى البعض بأن يكتب أحدهم عن منتجه، وربما يصاب بأزمة نفسية تدفعه بكل صفاقة لأن يصف الآخرين بـ(ساقطي الثقافة) فقط لأنهم لم يقاربوا منتجه العظيم، الذي يتوهم أنه يمثل فتحا في دنيا الفن / الكتابة وهو لا يعدو أن يكون إلا بدايات واهنة مرتعشة، خواطر وتداعيات أنوية بحتة لا تعبر إلا عن ذوات هشة مأزومة عقلا ووجدانا، وربما تائهة ما بين عالمين، أو مضطربة ذهنيا، وتكون مدفوعة بما يسميه محمد العباس (الوظيفة الإثباتية للكتابة) وهو ـ بحسب العباس أيضا ـ نتيجة لسوء فهم عميق ليس لمفهوم الرواية وحسب بل لمعنى وجدوى الكتابة.

لاحظ ـ يارعاك الله ـ أن غالبية الذين يبدون تذمرا مما يسمونه تجاهلا لأعمالهم هم ممن لا تستوقفك تجاربهم كثيرا، أو تستفز عصب الفن لديك.

ولكنهم مع ذلك يظلون يلاحقون ويستجدون، بل ولا يتورعون في وصم من لم يقترب من إنتاجهم وفتوحاتهم الإبداعية بالساقطين.. ويا للهول.