ما تشعر به عائلة "الحلوة" هو نفس ما يشعر به نحو 20 ألف فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية ، ذنبهم أنهم يحملون أوراق إقامة صادرة عن قطاع غزة، والسلطات الإسرائيلية ترفض تجديدها مع أنهم يقيمون في الضفة الغربية منذ سنين.
تزايدت مخاوف هذه العائلات، من طردها من منازلها مؤخرا بعد أن أصدر الاحتلال قرارات توصم أولئك الذين يعيشون في المنطقة دون أوراق إقامة بأنهم "متسللون" وعرضة للرمي في السجن أو الإبعاد إلى غزة. ويثير التنقل في الضفة الغربية، التي تنتشر فيها أكثر من 500 نقطة تفتيش للاحتلال، المخاوف من اكتشاف الجنود أمرهم.
تقول لبنى الحلوة، التي لم يستطع ابنها البكر عصام والذي يبلغ من العمر17 عاماً السير على قدميه منذ سنوات إثر تفاقم حالة قدمه المسطحة "العالم بأسره مغلق أمام أبنائي". وتضيف قائلةً "نخشى إرساله إلى الخارج لتلقي العلاج، لأنه مجبر على تقديم أوراقه إلى الجنود الإسرائيليين، والأوراق تشير إلى عنوانه في غزة، مما يعرضه إلى خطر الإبعاد. لم يكن أمامنا سوى إلغاء العديد من المواعيد مع الأطباء خارج مدينة جنين الصغيرة".
أما ساري باشي، العضو في جماعة "جيشا" الإسرائيلية لحقوق الإنسان والتي طرحت قرار الجيش الإسرائيلي أمام المحاكم، فيعلق قائلاً "عشرات الآلاف من الناس واقعون تحت التهديد المستمر ذاته، والذي يمنعهم من الحصول على عمل، ويحرمهم من فرص التعليم والعناية الصحية نتيجة خشيتهم عبور نقطة تفتيش واحدة". حيث يقول مسؤولون في الجيش الإسرائيلي إن بإمكان سكان غزة العودة إلى القطاع مع أزواجهم من الضفة الغربية، لكن ذلك يعني تخليهم عن منازلهم في الضفة الغربية التي عاشوا فيها لسنوات، وأغلب الفلسطينيين يحجمون عن الاستقرار في غزة الفقيرة حيث الحياة اليومية فيها نوع من الصراع المرعب.
وتطالب جماعة جيشا بألا يجري التعامل مع عنوان الإقامة مثل التعامل مع الجنسية. كما تحاجج الجماعة بأن هذه السياسة تعد انتهاكا للقانون الدولي والاتفاقيات الإسرائيلية الموقعة مع الفلسطينيين التي تقول إن الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة سياسية واحدة وليستا منطقتين منفصلتين. وحسب ما يقوله مسؤولون فلسطينيون فإنه "منذ بدء تطبيق هذه الإجراءات عام 2000 ، وافقت إسرائيل على نقل محل الإقامة لسبعة عشر غزاويا فقط إلى الضفة الغربية".
ولا يتوقف الأمر عند عدم القدرة على الخروج من الحزام الضيق بحثاً عن العلاج، حيث إن هناك عائلات بالكامل تفرق شملها حتى أصبح الزوج عاجزاً عن لقاء زوجته أو أبنائه. من بين هؤلاء بكر حافي والذي يبلغ من العمر 37 عاماً. ولد بكر في غزة، وأقام في الضفة الغربية مدة عشر سنوات حتى اعتقله الجنود الإسرائيليون للاشتباه به. وأطلق سراحه فيما بعد دون توجيه أي اتهامات لتلقيه السلطات في غزة. ولم ير زوجته وطفلتيه منذ ذلك الحين. يقول بكر "أتحدث مع زوجتي عبر الهاتف وأنظر إلى صورتها، هذه هي العلاقة الوحيد التي نملكها الآن".
وتقول وفاء عبد الرحمن، إحدى عضوات مجموعة "الحركة" وهي جماعة فلسطينية أقيمت مؤخرا للضغط لإبطال هذه القرارات، إن "على المسؤولين العسكريين معالجة هذه القرارات الجائرة بدلا من ترك الفلسطينيين لنزوات الجيش". وتضيف وفاء قائلةً "لا نعتقد أن لدى الإسرائيليين نوايا بريئة".