يبرر السيد محافظ المؤسسة العامة للخطوط الحديدية صرف مئات الملايين لنقل قضبان القطار من مكان لمكان بقوله: "الأعمال المدنية للمشروع وتشمل عمليات التسوية والردم وتهيئة المسار وذلك بالنظر إلى الطبيعة الوعرة للأرض التي ينفذ عليها المشروع"!

وباستطاعة أي مواطن الرد على معاليه بالقول إن المؤسسة غير مجبرة على هدر كل هذه الملايين من أجل نقل القضبان لمنطقة وعرة.. بل يتم نقلها لمنطقة منبسطة لا تكلف تسوية، ولا ردم، ولا تهيئة..!

الأراضي كلها ملك للدولة وباستطاعة المؤسسة أن تعثر على الأرض الملائمة للمشروع.. فإن لم تجد، فما المشكلة أن يتم استثمار حرم الطرق التي تربط الهفوف بالرياض، ولاسيما أنها كلها خاضعة لإشراف وزارة النقل؟!

لكن يبدو أن حجة المواطن البسيط لا تقنع أحدا.. حتى وإن كانت مقنعة، لا أحد لديه الاستعداد لأن يتنازل ويقتنع بها!

حسناً، ما هي المشكلة التي نتجت عن ذلك? سأخبركم ـ لقد ارتفعت التكلفة أكثر من ستة أضعاف!

لست أنا من يقول ذلك.

المحافظ يقول ذلك.. ركزوا جيدا في كلامه: " متوسط تكلفة مثل هذه الأعمال في الظروف الطبيعية لا يتجاوز (550) ألف ريال/ كيلو متر، بينما بلغ في هذا المشروع 3.750.000 ريال / كيلو متر".

لماذا هذه التكلفة الفلكية? مبالغ كهذه يفترض أن يتم توجيهها لإنشاء مستشفى تخصصي يخدم سكان المنطقة. كان بالإمكان إقامة جامعة.. كان بالإمكان إنشاء خمسين مركزا صحيا.. أو خمسين مجمعا تعليميا على أحدث طراز عالمي.. أو خمسين حديقة.. أو خمسين دارا للأيتام.. والقياسات كثيرة.. لكن شيئا من ذلك لم يحدث، بل ذهبت ببساطة شديدة لنقل مجموعة قضبان حديدية من مكان لمكان آخر.

العاقل خصيم نفسه، لذلك ما زلت أتمنى ـ للمرة الثانية ـ أن أكون مخطئاً !