القيم أوالفضائل، بعضها قديم وبعضها الآخر حديث، فهي لم تكتمل ولن تكتمل، بل هي تنمو وتتطور. فقبل ألف عام كان حتى صاحب أرفع القيم لا يرى غضاضة في أن يملك إنسان إنسانا، فسلب حرية الإنسان لم يكن عملاً مناقضا للفضائل، أما الآن فمن يفعل ذلك فهو مسيء، ويخلو من القيم حتى وإن كان محسنا للعبد، ويعامله برأفة. ولأن القيم والأخلاق تنمو، ولأن نموها وتطورها لا يوجد له حد، ولا سقف لذا فكل مجموعة بشرية تضيف قدرا على القيم المتراكمة.

في ظاهرة استرقاق الإنسان أضاف المسلمون مجموعة من القيم الأخلاقية الرفيعة، تنص على عدم الإساءة إلى العبد الذي يتمتع ببعض الحقوق المكفولة له بالقانون. لكنه يظل عبدا يباع ويشترى ويزوج ويطلق حسب رغبة سيده. ثم جاء الغرب وأضاف بعدا أسمى وهو منع بيع الإنسان، وتبنت كل المجتمعات، بما فيها المجتمعات الإسلامية، بعد ممانعة هذا العمل لقيمة حرية الإنسان.

ولأن هذه الأخلاق عالمية وكل أمة تضيف شيئا حتى صار إرثنا إرثاً إنسانيا فكريا مشتركا، جعل البشر يتوجهون لبناء منظومة إنسانية مشتركة بين البشر، تتمثل في الوثائق العالمية، كوثيقة حقوق الطفل والإنسان والمرأة وحقوق الأقليات.

وما عزز من انتشار هذا المنظومات والمواثيق هو صغر العالم الحالي، واقترابه من بعض، وكذلك مساهمة العلوم في دعم الكثير من هذه المواثيق الأخلاقية.

لذا فإن البعض يرى أنه لم يعد مقبولا أن يتبنى مجتمع من المجتمعات فكرا لا يتماشى مع القيم العالمية. ولم يعد من المقبول أن نحمل كمسلمين قيما مختلفة تجعلنا نصدر قوانين متضاربة مع ما اتفقت عليه المجتمعات، بدعوى خصوصية المسلمين، مثلما يحدث في وثيقة حقوق الطفل التي تحدث فيها خروقات كثيرة، بسبب تضارب تعريفنا للطفل مع التعريف العالمي له. هذا النمط من التفكير، لم يعد مقبولا، فحتى لو وجدت فوضى في التطبيق، إلا أن الحقوق والقيم المقررة واضحة، ولا فوضى فيها، وفوضى التطبيق هي فوضى مؤقتة.