"تماماً كما تحرك الأحداث قريحة الشاعر وتدفعه بقوة لكتابة القصيدة حتى يستريح من ثقل يطارده، تفعل العدسة في عيون المصورين الذين تفرض عليهم الأحداث اليومية عاطفة أخرى، وإن كانت "عدستهم في شكلها جمادًا؛ إلا أنهم يعتبرونها كائنًا متحركًا يعبر في لحظة ما، عما يحملونه تجاه الإنسان وكل الكائنات حتى الساكنة، وبوصلةً لا تشير إلا للقبلة الفنية".
بهذه المفردات تحدث المصور جميل البخيتان إلى "الوطن"، موضحًا أن أصعب اللحظات تلك التي يريد فيها المصور أن يعبر عن موقف عائلي سواءً فرحًا كان أم ترحًا؛ لأنَّك هنا بين أَمَرَّينِ كلاهما أشدُّ عسرًا من الآخر؛ فالسيطرة على العاطفة للخروج بعمل فني صعبٌ في الكثير من الأحيان، وفي المقابل تكون العاطفة بحد ذاتها عدسة فنية.
ويتذكر جميل أن إحدى شقيقاته أنجبت طفلاً بعد 8 أعوام من زواجها، بعد أن ظل هو طوال هذه السنين العجاف ينتظر ذلك المولود أكثر من غيره، وحينما أراد أن يخلد هذه الهدية السماوية، وقف متسمرًا أمام كل أداوته الجماد متسائلاً "ماذا سأفعل؟ أي الخلفيات سأختار؟ ومن أي الزوايا أقف؟ كيف لـ "كاميرا" جامدة أن تنجز عملاً حيًا لحيٍّ جاء بعد معاناة وانتظار إلى أجل لا يعرف مسماه إلا الله تعالى؟"، وتطول الحيرة والأسئلة ما زالت مستمرة معه.
ويتابع جميل: "إن إيقاف لحظة معينة من الزمن أو تجميدها بفرحها أو ما هي الآن عليه، يتطلب عصفًا ذهنيًا مرهقًا، فلا يتصور بعض المشاهدين لهذه اللحظة أنها جاءت وليدة الصدفة أو على طريقة "صوب والتقط" الأمر مختلف تمامًا، ناهيك عن المبالغ الخيالية التي يتكبدها المصورون المحترفون الذين يريدون تخليد لحظة من الزمن أو على الأقل إيقافها لمئات من السنين، يعيشون على ذكراها وينقلونها جيلاً فجيلاً.