"يا ولدي... لا تتبرمج منذ الآن، وتعاني ما عانينا، بل اجعل لك أفقا واسعا".

هذه النصيحة، التي وجهها الشيخ عادل الكلباني إلى فتى في السادسة عشرة من عمره اعترض عليه إباحته الغناء، جاءت مصحوبة بمخاوف من المستقبل: "كل ما أخشاه أن ينجرف هذا الفتى في الغد، ويتحول إلى مفجّرٍ آخر". وحكى إمام جامع المحيسن في الرياض، الذي أثارت فتواه بإباحة الغناء والمعازف جدلا واسعا، قصة الفتى لـ"الوطن" في سياق ما يواجهه من حملة انتقادات على آرائه الأخيرة، مما جعله يعتقد "أننا نحصد الآن ما زرعناه من المنهج السابق الذي تربينا عليه، بأن كل من خالفنا فهو على خطأ، ثم نجيش الناس عليه".




خاطب الشيخ عادل الكلباني إمام جامع المحيسن شرق العاصمة الرياض منتقديه بقول الإمام الشافعي "اختلفنا في مسألة، أفلا يبقى الود". وتساءل: لماذا لا نقبل بالرأي.. ألا نؤمن برب واحد ونقرأ قرآنا واحدا.. ألست مسلما؟، فأنا لم أكفر بالله.

وأكد أنه لم يندم على إجازة الغناء، مشيرا إلى أنه تلقى رسائل تجاوزت حدود الأدب.

وقال الكلباني: كنت قبل سنة الإمام المجدد للبعض، والآن لا أصلح للفتوى، وتصلني رسائل مسيئة من أشخاص، ولكن سامحهم الله وغفر لهم، مشيرا الى أن بعضهم فرحوا واستبشروا، وقالوا "سقط الكلباني" وهذا لا يهمني ويزيدني ثباتا.

وأكد الكلباني في حديث لـ "الوطن" أمس، أن رسائل الشتم التي وصلت إلى جواله جاوزت حدود الأدب واللياقة بل وصلت إلى العنصرية ونعته بلون بشرته.

وقال "الأسئلة في القبر ثلاثة، ولا يوجد فيها هل الأغاني حلال أم حرام؟، ولا يوجد في القبر من الصادق والكاذب".

وأضاف: للأسف نزعم أننا سلفيون، ونتبع النبي صلى الله عليه وسلم، ولكننا نخالفه في أخلاقه وسيرته. وقال: نحن نتبعه فقط بالأشكال. وزاد الكلباني بقوله إن السلفيين لم يعالجوا أمراض القلوب، فهم ينظرون إلى الثوب واللحية وطول السواك بغض النظر عما في قلبك.

وأضاف: كيف ندعو شخصا للإسلام ليسلم على أيدينا لنغير دينه الذي تربى عليه، ولا نستطيع تغيير أو تحويل آراء جزئية فرعية وليست مذهبا؟.

وحول ندمه جراء ما أثارته الفتوى، قال الكلباني: لم أندم بل استفدت مما حصل، وهناك أشخاص بدؤوا ينقدون خطورة الوضع وبعض التصرفات، مؤكدا وجود نوع من السرطان حاليا يجب التركيز عليه.

وعن خطبة إمام الجمعة في الحرم المكي وخطأ الإمام من صوابه، قال الكلباني: قد يخطئ وهو بشر، وقد تأخذه الحمية وهذا لا يهم، نريد أن نرى من خلال ما مر في الفترة الأخيرة أن هناك أزمة فكر وأزمة رأي واحد وأزمة عدم الالتزام بالأخلاق النبوية، وأين ذهبت أخوة الدين والوطنية، وقد تحدث أزمة وشقاق وقطيعة من مشكلة رأي واحدة.

وأشار الكلباني إلى أننا الآن نحصد ما زرعناه من المنهج السابق الذي تربينا عليه بأن كل من خالفنا فهو على خطأ ونجيش الناس عليه، وكنا نزرع في الناس ذلك ونجيش الآراء.

وتوقع الكلباني أن يكون الجيل الجديد برأيه الواحد بذرة جديدة للإرهاب، لأن بعضهم يراني مخطئا فأستحق القتل، ولأني على حد قولهم داعية من دعاة جهنم والعياذ بالله.

وعن المناصحين له، قال: جاءني صبي عمره 16 سنة ليقول "لماذا تجيز الغناء، ويستدل ببعض الأدلة الضعيفة"، فسألته: قال إن ما يراه حق، فرديت عليه بالقول: يا ابني هل قرأت في المسألة وتعمقت فيها، فقال لا، فقلت "ياولدي لا تتبرمج من الآن، وتكون بنفس معاناتنا، اجعل لك أفقا واسعا". وأبدى الشيخ خوفه على مثل هذا الشاب الصغير أن ينجرف في الغد ويكون مفجراً.