لا أقصد بعنواني أيها الأعزاء الفقه الذي تدرسونه ولا الفقيه الذي تعرفون، ومن انتقدني في مقالي السابق قبلت انتقاده ما لم يفارق حدود الموضوعية، فالرأي لا ينفي الرأي الآخر، وما اختيار الرسول عليه السلام لأيسر الأمور إلا دلالة على أن الدين به سعة، بل امتداد لإعمال العقل والتدبر والفهم لأجل استمرارية وهج امداداته الزمكانية، كما أن وصف المِلل بالمهن كهنوتية مرفوضة في الإسلام؟! هذا فقط للتوضيح.

فقيه اليوم الذي أعنيه هو فقيه الجعجعة في بلاد الضباب "سعد الفقيه"الذي أثبت الشعب السعودي أن جعجعته لاتخلف طحناً والحمد لله، فإحباط نتائج ثورة حنين أصاب جنون العظمة لصاحب المنفى "الفقيه" في مقتل، وجعله يلجأ للغة السباب والشتائم، ليصف الشعب السعودي المخلص لوطنه ومليكه بالجبناء والخانعين بل وبـ "الحشاشين"

"يبدو أن لغة البؤساء تشبه إلى حد بعيد إن لم تطابق لغة الطغاة، فالمخلون بأمن أوطانهم لهم قواسم مشتركة تتجاوز السلوكيات التنظيمية الغبية، والدعوة عن بعد للفوضى والانفلات، إلى لغة اللسان البذيئة التي تظهر طوعا أو ربما رغماً، لكنها لاشك ترسم أبعاد صورة الشخصية الملتهبة بالعقم الأخلاقي والفكري والثقافي، المتمحورة في كنف ذاتية الوهم النرجسي وعقدة الاستعلاء وادعاء البطولات الجبانة، تمسرحها في أحداث هزلية مستنطقة الوهم ومستنجدة بالغباء لاستنبات أحلام التعدي والطمع الأهوج!

فقيه لندن اللاجئ المناضل ضد الوطن الذي يجيّش المشاعر بلغته الركيكة وشحنه الحاقد، أصيب بطعنة في سويداء مطامعه الرعناء، فالمواطن السعودي لا يمكن أن يصدق أنه يجني من الحكمة فوضى أو من العقل انفلاتا ليستمع لتوجيهات سادرة في سمادير غيّ، تلتمس مصالح انتهازية وتهدف لأطماع شخصية تغتصب أول ما تغتصب الأمن من الأوطان والسلامة من الأبدان، بل يدرك الوطني السعودي أن حقوقه وشؤونه وهمومه تجد لها أرضية المطالب المشروعة بطرق راقية تتسم بوعي أداء الواجب إزاء نيل الحقوق، وبحسن العلاقة بين المواطن والمسؤول، في ظل حكمة ملك الإصلاح، حفظه الله وسلمه وعافاه معافاة تامة، وفرّحنا بطول بقائه، كما منّ علينا بعودته سالماً معافى.

ولاشك أن مراعاة فارق التوقيت في حياة الأجيال يقود بالوعي إلى ضرورة اتباع طريق التكيف مع متطلبات العصر، ومراعاة راهنية اللحظة التي تتطلب دوما وأبدا قبول دعوة الإصلاح كسمة تشريفية إنسانية تستنبت التقدم، وتصل بالوطن إلى مصاف الدول المتحضرة، وطرق التعبير عن الإصلاح واختلاف الرؤى في تمظهره لا يجيز لأحد التشكيك في وطنية الشرفاء، مادامت القيمة الأسمى الجامعة "حب الوطن والحرص على أمنه".

ولأن المواطن السعودي يحب ملكه ويصدقه، فهو يؤمن بضرورة تفعيل الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد في كافة الأجهزة الحكومية، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني للمشاركة في القرارات الوطنية والحوار واحترام حرية الرأي والتعبير، وضمان الحقوق العامة للمواطنين؛ حق العمل والسكن والتعليم والصحة، فالدعوة للإصلاح والتخطيط له لم تأت من فراغ بل كان دافعها الأساس الاعتراف بوجود الفساد، وثانيها الرغبة الخالصة في محاربته، ووالدنا حفظه الله وهو يؤكد في تجوالاته الوطنية على المسؤولين مراعاة الأمانة، وتشديده على أنه نقلها من عنقه لأعناقهم تنتظر التفعيل الواقعي والحقيقي.

وهاهي الخطوة الاستجابية التي قام بها أمير منطقة مكة في الكشف عن تجاوزات قائمة ضمت 27 مسؤولا وأبناءهم، من بينهم أمينان سابقان ووكيل إمارة ومسؤولون بارزون وجهات حكومية تنفيذية اعتدوا على منح مخصصة لذوي الدخل المحدود تثبت استباقية الاستجابة الواعية، إذ هي ملخص ما يريده المواطن المقهور من الفساد، إنه يريد تلك اليد البيضاء والعمل السريع على محاصرة الفساد وضرب هامته، هذه الكلمة ليس لها أي دخل بالمديح أو حتى الثناء، بل هي تأكيد على أن الحق الذي يعيد الأمور إلى نصابها وتبحث عنه نفوس الأخيار هو لاشك مسؤولية المسؤول المواطن الذي يدرك أن الشفافية الحقة هي أن يكون مواطناً يشعر بشعور المظلوم قبل أن يكون مسؤولاً ينظر لإجراءات شكلية تفيض عليه بوجاهة المنصب لامعالجة هموم المواطنين والدفاع عن حقوقهم، وكم نتمنى كمواطنين اكتمال هذه الخطوة المباركة بإعلان أسماء الفاسدين، لا لأجل الشماتة فالمواطن يريد حقه فقط، لكن لأجل نفوس أعماها ظلام الفساد علها ترعوي وتبادر لحركة تراجعية قبل انكشاف أمرها، وهذا ليس فقط رأيا خلاقا بل هو قبل ذلك توجه إلهي للعدالة للتعامل مع المجرمين، إذ من يؤثر الإفصاح قبل الافتضاح ليس كمن وقع في يد العدالة بجرمه.

لا يدرك فقيه الجهل "سعد الفقيه" أن المواطن يفهم من يريد له الخير ويدرك بوعيه نبرة الصدق والحب ويميز ويرفض نبرة الحقد والكره والتخريب والفوضى ويؤمن بسلامة قلبه أن عشقه لوطنه وحبه لملكه مستنبتان داخل الفؤاد، وأن قصة وفائه أغنية خالدة لا يستوعبها الجهلة والحمقى والسفهاء.

لأنقلكم من الفقيه الذي لا يفقه إلى فنانين جميلين يفقهان "يفهمان فنهما" وهما محمد عبده وطلال مداح عليه رحمة الله، فهما يؤديان فهماً راقياً في حب الوطن من خلال نغمات صوتيهما المنتشية بكلمات المبدع بدر بن عبد المحسن وألحان محمد شفيق في رائعة "الله البادي"، إليكم الرابط أيها الوطنيون، وهنيئاً لنا "الشعب السعودي" بفضيلة حب الوطن.

http://www.youtube.com/watch?v=6djQjHdkPow