أضعف الإيمان في الحد الأدنى المطلوب من القطاع الخاص ألا يقل عن الفرحة الوطنية العارمة بالقرارات الملكية. ولولا أنني مؤمن بحرية السوق وبالاقتصاد الحر الذي يتطلب ألا يتدخل الجهاز الحكومي في صيرورة السوق لتمنيت أن تكون رواتب الشهرين قراراً سيادياً على القطاع الخاص، فمن هو هذا القطاع لولا خيرات الدولة ولولا الضخ الهائل من المال الحكومي العام على الحركة الاقتصادية، ولولا جيوب المواطنين بالمليارات تصب فيه نهاية كل شهر؟ ولن نكذب على الواقع الجشع فاستجابة هذا القطاع لراتب الشهرين مثالاً كانت خجولة متواضعة في وطن هائل تعمل فيه مئتا ألف شركة ومؤسسة وبناتج محلي يشكل فيه السوق الخاص وحدة ذات حجم الميزانية الحكومية العامة. البنوك لا تدفع ريالاً واحداً من – الفوائد – لملايين العملاء الذين تركوها – ثواباً – فلم يقم بنك واحد برد الجميل الوطني لمشاريع خيرية مختلفة. شركات الصيانة والتشغيل تأخذ من الدولة وحدها في العام الواحد 32 مليار ريال في العقود الحكومية الهائلة. شركات تأجير السيارات الكبرى في البلد وكل أسطول شركة بآلاف السيارات وعليكم حساب الربح، على حين يبقى السعودي في هذه الشركات المختلفة مثل الشعرة البيضاء في رأس طفل عربي.

سنأخذ هذين المثالين فقط حتى نعرف موقفنا من عزم الدولة على مشروع السعودة حسب القرار السيادي الملكي: عدد مندوبي المبيعات لشركات التوريد فقط يبلغ اليوم 42 ألف مندوب ومن فيكم شاهد بينهم سعوديا؟. وعلى مسؤوليتي فهذه الوظيفة (فيها ولا أعمم) أهم ثغرات الفساد والهدايا والرشوة، وإن كان ولابد فلماذا لا نضع السعودي على هذه النافذة السمينة؟ ما الذي تحتاجه وظيفة المندوب من مؤهلات حتى نضيع أربعين ألف وظيفة مجزية وألف مجزية؟ جملة مبيعات الدواء والمستحضرات الطبية وحدها تناهز 7.3 مليارات ريال في العام الواحد. من هو الذي شاهد فيكم سعودياً واحداً داخل هذا –الجيتو – المغلق الذي يربح تماماً وصافياً في الجيب ربع مبيعاته السنوية؟ دخل هذا القطاع وحده يفوق ميزانية جامعة الملك سعود وهي بسبعة آلاف موظف. لماذا لا ندخل عش الدبابير في كل هذه القطاعات بقرار سيادي لننهي هذا المساء بالتحديد، وعلى مسؤوليتي، ضعف معدل البطالة في وظائف تبيض ذهباً خالصاً؟ كفى... كفى.. ومن المخجل أن هذه العشش ضنت على (الشعر الأبيض) في رأس أطفالها حتى براتب شهرين رغم أنها (عاشت تماماً تماماً تماماً) على خير الدولة وجيب المواطن.