كشفت إحدى شقيقات الطبيبة الجرّاحة التي عضلها والدها ونشرت "الوطن" قصتها في عدد الأمس, أن أختها الطبيبة ليست الوحيدة التي حرمت من الزواج بل هي و3 شقيقات أخريات رفض والدهن تزويجهن. وأكدت شقيقة الطبيبة (و) لـ"الوطن" أن سبب رفض والدهن تزويجهن هو تقييد زواجهن بشرط أن يكون المتقدمون لهن من أبناء عمومتهن أو من أفراد القبيلة. وأوضحت أنها تعمل معلمة وتبلغ من العمر الآن 32 عاما, فيما تعمل أخت أخرى لها في نفس المهنة, بينما تبلغ الأخريان 30 و 28 عاما.

وسردت شقيقة الطبيبة قصتها قائلة "قبل سنوات كان أهلي يرفضون المتقدمين للزواج منا, دون علمنا، حيث أصر والدي في تلك الفترة على تزويجنا من أبناء عمومتنا ورفض أي متقدم من غيرهم, حتى تراجع ابن عمنا عن رغبته في الزواج من إحدى شقيقاتي بعد أن بقيت مخطوبة له لمدة خمس سنوات، وخفف والدي من طوق تشدده في ظل ضياع أعمارنا؛ واشترط أن يكون الخاطب من نفس القبيلة، ورفض على هذا الأساس العديد من الأكفاء الذين تقدموا لي، وكان من بينهم شخص لكنه ليس من قبيلتنا ولأنه أفضلهم وقد تقدم بي العمر، ناقشت والدي فقام بضربي".

وأضافت "قضية أختنا الطبيبة التي رفعتها في المحكمة هي الأمل بالنسبة لي ولبقية شقيقاتي، فحل قضيتها يعني وجود حل لنا، وعندما رُفضت القضية وصرف النظر عنها فقدنا الأمل.. لا أتوقع أن القضاء سيحل مشكلتنا طالما لم تحل مشكلة أختنا". وأكدت (و) أن أسرتها كانت تأخذ مرتبها، إلى أن قامت باستقطاع نصيب منه بعد دخولها في جمعية تكافلية.

من جهتها أكدت الشقيقة الأخرى للطبيبة (ش) أنها بقيت مستسلمة لظلم ذويها لسنوات طويلة، وأنها لن تستسلم مرة أخرى في حال تقدم لها شخص كفؤ ومناسب، موضحة أن آخر متقدم لها كان رجلا كفؤًا ومن نفس قبيلتها، ولكن والدها رفضه أيضا.

العضل.. قضية عنف أسري

المستشار القانوني عضو برنامج الأمان الأسري الوطني الدكتور ماجد قاروب علق على قضية الطبيبة وشقيقاتها قائلا إن "قضايا العضل في المجتمع السعودي واضحة وموجودة وتعتبر من قضايا العنف الأسري، وفيها حجر على مستقبل المرأة وحقها الطبيعي في الزواج، وهي تنم عن ثقافة اجتماعية خاطئة بعيدة عن أصول الدين، ولها آثار سلبية كبير جدا، والمجتمع بكل فئاته يجب عليه العمل على حل هذه النوعية من القضايا".

وأكد أن هناك حالات اضطرت فيها سيدات للجوء للقضاء لوضع حد لمشكلتهن, والمطلوب من الجهات القضائية في حال وجدت الدليل على ثبوت العضل, أن يحل القاضي الناظر للقضية محل ولي أمر السيدة ويتولى تزويجها فالمرأة بصرف النظر عن كونها طبيبة أو مهندسة أو غيره، فمن حقها أن تتزوج ولا يجوز عضلها أو منعها من الزواج لأي سبب من الأسباب سواء كان علمياً أو قبليا أو اجتماعيا وغير ذلك".

وعن قضية الطبيبة قال قاروب "من الواضح أن السيدة أبدت عدم قناعتها بالحكم وترغب في التمييز، فكل قضية لها خصوصيتها والمسؤول عنها في المرحلة الأولى القاضي ناظر القضية والمرحلة الثانية قاضي الاستئناف والمجتمع له حق تحليل الحكم بعد أن يكتسب الصفة القطعية".

وأكد قاروب عدم ارتباط قضية قانونية لرفع الولاية والعضل من قبل الأب مع قضية عقوق الوالدين. وفسر ذلك بقوله " تعتبر قضايا العضل، قضايا تقصير من الأب في القيام بما يتوجب عليه, ويعتبر الأب في قضية الطبيبة رجل مخالف لما يتوجب عليه من الناحية الشرعية، ولذلك يجب على القاضي أن يحل محل ولي الأمر لإبرام عقد النكاح، أو توكيل عم أو خال أو أخ يتولى هذه المهمة نيابة عن ولي الأمر ويسقط عن الأب حق الولاية على ابنته في هذا الخصوص".

وعن طول مدة تداول القضية وعدم صدور الحكم إلا بعد خمس سنوات رغم وجود القرائن، قال "لكون الطبيبة في دار الحماية, كان من الواجب على وزارة الشؤون الاجتماعية أن تتبنى وتشرف على قضيتها، وكان من الواجب عليها أيضا أن توفر لها النصيحة القانونية والمعونة القضائية وأن توكل لها محامي لأن المرأة في رعايتهم، ويفترض وجود نوع من التواصل وتقديم الخدمة الاجتماعية وكذلك القانونية لمن هم في دور الحماية".

وكانت محكمة شرعية في المدينة المنورة قد رفضت دعوى الطبيبة السعودية بنزع الولاية عن والدها الذي يعضلها, وذلك في قضية تم تداول الحكم فيها 5 سنوات.