إذا قدر لك الدخول من البوابة الشمالية لوزارة الثقافة والإعلام والانعطاف يمينا باتجاه مركز الكاميرا ستقودك هناك أصوات مختلفة إلى مكان يذكرك بالمرحلة المتوسطة من الدراسة، وتحديدا وقت الفسحة عند المقصف حيث الفوضى.
في ذاك المكان يقبع مقر صندوق التلفزيون السعودي الذي يقدم بالكاش مكافآت التعاون والانتدابات وتكاليف العمل في عيدي الفطر والحج، والأخير لا يتأخر عنه أحد لأنه شهر كامل.
شخص واحد كان يدير العملية قبل عامين، ومع تقدم الوقت تحول مقره إلى أستوديو بأجهزة حديثة تستلزم حضور الأجنبي تدريبا. المهم انتقل الصندوق إلى الجهة المقابلة وغاب ذاك الرجل ليحل مكانه أربعة أشخاص تقريبا (مواكبة للقنوات الجديدة)، لكن الذي لم يتغير تلك الجداريات التي تعكس مشهد نتائج الاختبارات النهائية. هناك نصبت أسماء أبطال الإخبارية وهنا شهداء الرياضية وبالقرب منهم خبراء الأولى وهكذا. ومن وجد اسمه عليه التوجه للصندوق للإدلاء برقم التسلسل والمسير ومن نسي فهو في آخر الطابور عقابا. المخجل أنه من ضمن الجداريات أسماء بعض ضيوف الشاشة المعروفين من العلماء والمشاهير.
المكان الجديد له مدخلان، الأول للرجال وهم الغالبية حيث التكدس، والآخر للزميلات اللاتي يحظين بالخدمة بمجرد قرع أكعابهن على الأرض وإلقاء التحية، حيث تنجز مهمتهن في وقت يمثل "فاصل قصير ونواصل" بلغة الفضائيات. أما زملاؤهن من الذكور فيرون في الصندوق مكانا لتبادل عبارات المجاملات والنقد للبرامج والتغطيات و"التصدد".
الكل يدرك أن بند التعاون جاء ليواكب ماليا حجم العمل بالوزارة في ظل تدني الرواتب وقلة الموظفين، ولكن ثمة سؤالا نحيلا (من يرفض من؟) التقنية أم الوزارة؟
في الصين تمكن علماء من تعديل أكثر من 200 بقرة جينياً لتنتج حليباً يشبه حليب البشر، سيتوفر في الأسواق خلال سنتين، ووزارة الثقافة والإعلام لدينا تتمسك بمظاهر الصرف قديما بوصفه جزءا من الثقافة كما يبدو.
قليل من الاحترام للمستحقين لهذا الراتب الذي يصرف وكأنه أرباح ربع سنوية، فهو المصدر الوحيد للكثير من العاملين السعوديين، وخصوصا في القنوات الوليدة ولا حيلة لهم سوى الصدح بأغنية عبادي الجوهر: البعد نار وخوفي من البعد روحي تحترق.. الجرح أرحم من فراقك وبعدك.