اتخذت وزارة المالية قراراً برفع الإعانة الحكومية عن الأرز ابتداءً من 29 نوفمبر الماضي بعد أن استمر الدعم لمايقارب السنتين بمعدل ألف ريال للطن (ريال واحد لكل كيلو) وهو القرار الذي وفر على المملكة تكلفة سنوية بلغت نحو 1.1 مليار ريال.

وعلى عكس المتوقع لم ترتفع أسعار الأرز بعد رفع الدعم الحكومي. وأرجع موردون تحدثوا إلى "الوطن" سبب عدم ارتفاع أسعار الأرز إلى ثلاث عوامل تتلخص في وجود حرب أسعار بين تجار الأرز، إلى جانب تزامن أقوى مواسم بيع الأرز مع الإجازة الصيفية، وكذلك المؤشرات التي توحي بموسم جيد لمحاصيل الأرز في الهند.

وقال مدير عام شركة الشعلان للأرز محمد الشعلان في تصريحات لـ"الوطن" من الرياض أمس إن عدم الاتفاق بين التجار على هامش ربح معين أدى إلى حروب أسعار طاحنة أدت إلى بيع الأرز حالياً بسعر التكلفة أو أدنى منه، وهو مايفسر عدم ارتفاع الأسعار بل انخفاضها على الرغم رفع الإعانة الحكومية.

ومايزيد في تفاقم المشكلة هو عدم وجود إطار تنظيمي يناقش فيه التجار هذه القضية بشكل موسع الأمر الذي يخلق صعوبة في التوصل إلى حل يقضي بإيقاف هذه الحرب .

وأوضح أن أحد متاجر السوبرماركت تيبع حالياً كيس الأرز بسعة 40 كيلوغرام بسعر199 ريال وهو أدنى من سعر التكلفة. وتنذر حرب الأسعار الحالية بأضرار هائلة لن يستطيع التجار تحمل تبعاتها.

من جانبه، صرح مدير "شركة تلدا" للأرز منار بارودي لـ"الوطن" في جدة أمس أن المستوردين الكبار في المملكة قامواً بشراء كميات كبيرة من أرز البسمتي من الهند من محصول 2009 .

وأضاف أن هذه الواردات أدت إلى تشبع السوق بكميات حصلت على الدعم الحكومي، الأمر الذي أخر تأثير وصول الكميات غير المدعومة على الأسعار من خلال إحداث حالة من التوازن بين الكميات المدعومة والكميات الجديدة غير المدعومة.

وكان من المتوقع نفاد الكميات المدعومة بالكامل في أبريل الماضي وفقاَ لبعض التقديرات، إلا أنها استمرت في تغطية الأسواق لوقت أطول.

وحول موضوع تخزين الأرز، أفاد الشعلان أن المواطنين قاموا بشراء كميات كبيرة منه عند انتشار أنباء عن رفع الدعم عن الأرز، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الاستهلاك في العام الجاري بين 3% و4% على الرغم من وفرة العروض الناتجة عن حرب الأسعار.

تجدر الإشارة إلى أن الهدف من وراء إقرار الدعم في أواخر 2007 هو بلوغ الأسعار مستويات غير مسبوقة حيث تضاعفت الأسعار تقريباً، فقد كانت عبوة الأرز من فئة 5 كيلو تباع بـ18-20 ريالاً في 2006 ووصلت إلى 28-30 ريالاً في أواخر2007.

واتفق كل من الشعلان وبارودي أن أقوى مواسم البيع للمستهلكين في شهر رمضان المبارك يتزامن مع الإجازة الصيفية لهذا العام، وهو الوقت الذي يسافر فيه العديد من المواطنين إلى الخارج، مما يبقي حجم الاستهلاك ضمن حدوده العادية، كما أن موسم الزواج هذا الصيف لن يكون له تأثير يذكر على رفع الطلب.

واتفق الموردون على أن هناك مؤشرات توحي بموسم جيد لأرز البسمتي حتى الآن على الأقل في الهند نظراً للهطول الجيد للأمطار ممايعني ابتعاد شبح الجفاف عنها، ولكن حدوث فيضانات قد يقلب الصورة تماماً. ومن المعروف أن أرز البسمتي يزرع حصراً على سفوح جبال الهيملايا بين الهند وباكستان، ولكن الهند تستأثر بحصة الأسد من إنتاج أرز البسمتي في العالم. وتلعب العوامل المناخية والنفسية ضغوطاً على الأسواق، فأخبار الجفاف أو الفيضانات تشكل ضغطاً على أسعار الأرز الحالية حتى قبل بدء موسم الحصاد بين أكتوبر ونوفمبر من كل عام.

ورأى الشعلان أنه لن يكون هناك ارتفاع في أسعار الأرز إذا ماتواصلت حرب الأسعار بين التجار حتى بعد انتهاء رمضان. ولكنه حذر من عواقب ستلحق الضرر بالتجار والمستهلكين. وأضاف أن المستهلكين قد يتأثرون بانخفاض جودة الأرز إذا ماتواصلت هذه الحرب حتى يتمكن المضاربون من مواصلة هذه الحرب، حيث إن بعض الموردين قد يلجأ إلى شراء أرز ذي جودة منخفضة. فيما توقع بارودي نفاد الكميات المدعومة بنهاية شهر رمضان المبارك، الأمر الذي سيسمح بالارتفاع مجدداً ولكن بنسبة بسيطة قدرت بين 10%-15%. كما استبعد تكرار حدوث ارتفاعات قوية كما حصل قبل عامين.

ووفقاً للمستوردين يبلغ حجم سوق الأرز في المملكة أكثر من 4.5 مليارات ريال، حيث تستورد المملكة مابين مليون و 1.3 مليون طن يتم استيرادها جميعاً. ويصل استهلاك الفرد في المملكة 45 كيلو غرام سنوياً وهو من أعلى المعدلات عالمياً حيث تستهلك إيران نحو ثلثي هذه الكمية بينما يبلغ عدد سكانها 75 مليون نسمة وهو مايزيد بأكثر من الضعف عن نظيره في المملكة. ويستأثر أرز البسمتي بحصة كبيرة في سوق الأرز بالمملكة يقدر بين 60%-65% فيما تذهب الحصة الباقية إلى الأرز الأمريكي والمصري والتايلندي والإيطالي.