كثيرا ما تمر بنا لحظات نسترجع فيها شعورنا الناجم عن حدث ما، مفرحا كان أم محزنا، فنشعر أحيانا بأن نغمات جوال معينة تذكرنا بأيام العيد،وأخرى بالسفر لمكان ما، وتذكرنا بعض الشوارع أو بعض المحال التجارية بموقف مر بنا يوما حين كنا بها، أو أشخاص التقيناهم بتلك الأماكن، ونستعيد كل ذكرى مع كل لحظة نكرر فيها المرور  بهذه الأماكن، أو الاستماع لتلك النغمات. ويسمى ذلك في الطب النفسي ب"الارتباط الشرطي" فيما قد يؤدي تكرر حدوثه إلى مرض نفسي كالوساوس القهرية وخلافها، ويتم التمكن من السيطرة عليه بتكرار فعله. عن هذا الشعور حكت زهرة عسيري أنها دوما ما يمر بهاربط لحدث بشعورها وقته، وتظل تتذكره دوما، فهي تقول إنها كرهت نغمة من نغمات جوالها لأنها ارتبطت بخبر سيئ أتاها وهي واضعة تلك النغمة، فأضحت كلما تسمعها تتذكر ذلك الحدث، وتشعر بذات الشعور الذي شعرت به وقته. وأضافت أن الحزن ليس الشعور الوحيد الذي يتكرر بتكرار هذا الحدث، وإنما هنالك نغمة سميت بنغمة "من العايدين" ، وهي مقطوعة إنشادية اعتاد الناس وضعها في العيد بجوالاتهم تذكرها بالعيد، مشيرة إلى أنها تضعها كلما رغبت بتذكر أيام الطفولة في العيد بجمالها وبراءتها. وذكرت بسمة عبد الله أنها تعرضت لحادث بشارع ما مع أسرتها، ولم يصب أحد بأذى، وأنها كلما مرت من ذلك الشارع تتذكر ذلك الحادث، وتستحضر شعورها بالخوف حينه. وأضاف عبد الله الحربي أنه يستحضر لحظات الدراسة، ويتذكر زملاء الصغر كلما مر بشارع قديم في مدينته، إلى جانب أنه قد يشعر أحيانا بالحنين لتلك الأيام، فيذهب خصيصا لتلك الأماكن التي تذكره به ، مضيفا أن هنالك من زملائه من سافر للدراسة أو العمل، ولم يعودوا يلتقون كالسابق، ولكل شخص منهم شيء أو مكان يذكرني به. وعن منشأ هذا الشعور بالارتباط الشرطي بين الحدث والمشاعرالمصاحبة يقول استشاري الطب النفسي الدكتور ماهر بغدادي أن "الارتباطات الشرطية هي نوع من أنواع الانفعالات الفسيولوجية في جسم الإنسان، فدوما الجسم يربط بين الحدث محزنا كان أم مفرحا بشعوره خلال ذلك الحدث، كحدوث حادث أو سماع خبر ما أو المرور بشارع. وأضاف أن أول من قام ببحث الارتباطات الشرطية هو عالم روسي، والذي أكد أنها موجودة بكل المخلوقات، وليس الإنسان فقط ، فحتى الحيوانات إذا تعرضت لحدث معين أو مؤثر محزن أو مفرح، تستحضر الانفعال كلما تكرر ما يكرها به من مكان، أو حدث مشابه. وعن سلبيات هذا الانفعال بين الدكتور بغدادي أن أساس  الوساوس القهرية هي ربط شيءبشيء آخر كربط الوضوء بالشعور بالذنب لعدم اكتماله مثلا، ولعل الاستجابة لهذا الشعور الناجم عن تكرار التعرض للمؤثر يزيد من أزمته، وربما يحيل تلك الارتباطات مع الوقت إلى وساوس قهرية، وذلك يختلف من شخص لآخر، فهنالك أشخاص الاستجابة لديهم وقتية، وآخرون لديهم استعداد للاستجابة الطويلة، لاسيما أن عقل الإنسان يحوي نوعا من طريقة التفكير والتفاعل الفسيولوجي. وعن طريقة فك هذا الارتباط الشرطي، أوضح الدكتور بغدادي أن تكرار التعرض للشعور الناجم عن الانفعال من مؤثر ما هو الطريقة الوحيدة لفك هذا الارتباط، وبالتالي تحويله من مؤثر انفعالي إلى مؤثر تفاؤلي، فمثلا إن كان لدى شخص شارع يذكره بحدث سيئ، فليكرر المرور منه، حتى يعتاد الشعور الذي يتكرر مع تكرار مروره وبالتالي التعود وفك هذا الارتباط.