تحدثت في الأسابيع الماضية عن أسباب حدوث الزلازل وتوزيعها على سطح الكرة الأرضية، وأوضحت أن الزلازل المدمرة التي تتجاوز قوتها 8 درجات على مقياس رختر نادراً جداً ما تحدث في منطقتنا العربية، وأنها في أغلب الأحول تحدث فيما يعرف بحلقة النار، وتشمل جميع الدول الواقعة على المحيط الهادي مثل اليابان والأرخبيل الاندونيسي والصين والفلبين، وكل من السواحل الغربية لكل من أمريكا الشمالية والجنوبية، كما أوضحت أن سبب حدوث هذه الزلازل العنيفة وما ينجم عنها من أمواج تسونامي العاتية هو تصادم صفيحة (لوح) Plate المحيط الهادي التي تمثل جميع قيعان المحيط الهادي مع الصفيحة القارية (الأرضية) العملاقة المعروفة باسم الصفيحة الأوروبية الآسيوية Eurasian Plate ، ويشير التاريخ إلى أن المنطقة العربية خاصة الواقعة على حوض البحر الأبيض تعرضت مرات عديدة لزلازل و أمواج تسونامي مدمرة، منها الزلزال الذي حدث في عام 365 م، والذي لم يؤثر فقط على المنطقة العربية بل أثر تقريباً على جميع الدول الواقعة على حوض البحر الأبيض المتوسط، ويذكر التاريخ أن أمواج التسونامي العاتية التي نجمت عن هذا الزلزال قد أغرقت جميع دلتا النيل ودمرت مدينة الإسكندرية تدميراً شاملاً، مركز هذا الزلزال Epicenter لم يكن في منطقتنا العربية، بل كان مركزه بالقرب من جزيرة كريت اليونانية، وحدوث هذا الزلزال كان نتيجة تصادم صفيحة البحر الأبيض المتوسط مع الصفيحة اليونانية Hellenic plate ، ويذكر خبراء علم الجيولوجيا أن هذا التصادم تسبب في ارتفاع جزيرة كريت بحوالي 15 متراً فوق سطح البحر، فتخيل أخي القارئ القوة الجبارة لهذا التصادم التي تسببت في رفع جزيرة كريت أكثر من عشرة أمتار فوق سطح البحر!!! قوة هذا الزلزال كما قدرته هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية بحوالي 7.8 درجة على مقياس رختر.

التاريخ لن ينسى الزلزال الذي حدث في مدينة حلب عام 1138 م، والذي ذهب ضحيته حوالي 230 ألف نسمة، وكانت قوة هذا الزلزال كما قدرها خبراء علم الجيولوجيا بحوالي 8.5 درجة على مقياس رختر، وفي رأيي أن هذا الرقم مبالغ فيه نظراً لطبيعة تكوين الزلازل في هذه المنطقة، والتي عادة ما تتكون نتيجة لانزلاق حافتي الصفيحة العربية مع الصفيحة الأنضولية في اتجاهين مختلفين، أو فيما يعرفه الجيولوجيون بحدود الصدع الناقلة Transfer Fault Boundaries ، هذه الميكانيكية عادة لا ينجم عنها زلازل تزيد قوتها عن 8 درجات على مقياس رختر، كما هو الحال عند تصادم الألواح كما يحدث في حلقة النار.

التاريخ أيضاً يشهد بحدوث العديد من الزلازل وأمواج التسونامي العاتية في حوض البحر الأبيض المتوسط، ومنها ما حدث في كل من عام 551 وعام 1303م ، ويجب أن لا ننسى أيضاً ما حدث في منطقة الخليج العربي عام 1945 عندما اجتاحت أمواج تسونامي الخليج العربي نتيجة لحدوث زلزال مروع في منطقة مكران الباكستانية الواقعة شمال بحر العرب، والذي بلغت قوته حوالي 7.8 درجة على مقياس رختر و ذهب ضحيته أكثر من 4000 نسمة!! ويجب أن تدرك دول الخليج العربي أن جزيرتنا العربية يحدها من الجنوب المحيط الهندي الذي يمتد جهة الجنوب حتى الدائرة القطبية الجنوبية وجميع هذا المسطح المائي الفسيح تتخلله العديد من الأنشطة الزلزالية والبركانية، فهل أعددنا العدة لذلك؟ ويجب أيضاً ألا ننسى تسونامي 1945 التي اجتاحت سواحل بحر العرب والخليج العربي، ويجب ألا ننسى أيضاً ما حدث في زلزال إندونيسيا عام 2004 ؛ الذي نجم عنه أمواج تسونامية عاتية دمرت سواحل معظم الدول الواقعة على حوض المحيط الهندي، وكان لها أثر واضح على بحر العرب والخليج العربي، فأين نحن من ذلك؟ كما يجب أن نعد العدة لمواجهة الأنشطة البركانية وما ينجم عنها من زلازل في الحجاز، يا ناس يجب أن نعد العدة قبل فوات الأوان!

ذكرت في العديد من وسائل الإعلام أن جميع الشواهد التاريخية الجيولوجية تشير إلى قرب حدوث انزلاق كبير وحاد وشديد بين حافتي اللوح العربي واللوح الأنضولي، مثل هذا الانزلاق المتوقع حدوثه اليوم أو غداً سينجم عنه زلزال مدمر مشابه لما حدث في مدينة حلب عام 1138 ، وسيؤثر على جميع الدول الواقعة شرق حوض البحر الأبيض المتوسط (سوريا لبنان فلسطين) وقد يمتد هذا التأثير المدمر ليشمل شرق تركيا والأردن والحدود الشمالية للملكة العربية السعودية، فهل أعد العرب عدتهم لمثل هذا الحدث المدمر؟ وللعلم فإن الإجراءات الوقائية تجري على قدم وساق في إسرائيل لمواجهة حدوث هذه الكارثة المحتملة، وما الهزات الخفيفة التي تشهدها بلاد الشام والتي تعرف باسم الزلازل الصامتة Silent Earthquakes ما هي إلى بمثابة المخاض لمولد هذه الكارثة. ويا خفي الألطاف نجنا مما نخاف!