تكتب سارة الحبشي وهي شابة سعودية في العشرين من عمرها تعمل مذيعة تلفزيونية على صفحتها في الفيس بوك :على النت يتفننون بتسلق سلالم الأرواح، وسلالم الأكتاف، وسلالم الظهور، وخسران كل شيء من أجل الوصول لقمة وهمية !

في النت، كل الأحلام وردية ، وكل الوعود وردية ،وكل الحكايات وردية، وكل الليالي وردية، ووحده الواقع أسود !

تفصح العبارات التي استعارتها سارة الحبشي من موقع آخر على النت مدى الزيف الذي يخيم بظلاله على الشبكة العنكبوتية ، فالكل متسلقون ويظهرون غير ما يبطنون، وهو في النهاية الإنترنت ،ويبدو أنه عنكبوت ينصب شباكه ليصطاد فيها فراشات الكلام.

لذلك لجأت سارة الحبشي مع مجموعة ممن صادفتهم على الفيس بوك من أبناء مدينة جدة شباناً وشابات إلى الهروب من أوهام النت وأكاذيبه إلى أرض الحقيقة والواقع فاستجاب لها عدد منهم وصلوا حتى اليوم إلى 15 شاباً وشابة قرروا تأسيس ناد للقراءة أطلقوا عليه "نادي الفالوذج" بدلاً من الادعاء على النت أنك مثقف وشيخ من أبناء شيوخ ، تقي ومخلص وصادق تعال وأظهر نفسك أمامنا.

هذا هو الامتحان الذي قدمته سارة الحبشي مع مجموعتها لجميع المدعين.

ترأس الحبشي مجموعة "نادي الفالوذج" منذ 9 أشهر حيث التقت عبر الفيس بوك بمجموعة من الشباب والشابات انتهى بهم المطاف إلى تأسيس نادي القراءة هذا تقول الحبشي في البداية اخترنا مقراً لنا في مقهى الأندلسية ، ثم انتقلنا إلى مقهى "أرومشي" حيث قدم لنا مالكه كمال عبد القادر تسهيلات لعقد جلسات حوار فيما بيننا.

نسرين إكرامي مسؤولة الإدارة في "أرومشي" قالت لـ"الوطن" إن فكرة لقاء يعقد صباح كل يوم الخميس في المقهى جاءت لتلبية احتياج هؤلاء الشباب والشابات من أبناء جدة ، فهم ليسو كغيرهم من رواد المقاهي ، كما أن مقهانا ليس كغيره من المقاهي ، هم قراء كتب ونحن مقهى للقراءة ، وهكذا التقت أهدافنا فكان أن خصصنا لهم مكاناً يلتقون به صباح كل خميس ليناقشوا ماقرأوه خلال أسبوع يضم "نادي الفالوذج" شباناً عددهم مساوياً لعدد الشابات بعضهم لا يزالون على مقاعد الدراسة الجامعية مثل عاصم عمر باوزير ومحمد عثمان العمودي ومعين فطاني ، وهتان بارقعان ، محمد مكاوي وبعضهم موظفون مثل أنور محمد ، ياسر خباز ،زياد مصطفى موسى، عبد الرحمن عادل، إلياس حسوبة.

كان أول كتاب يقرأ بشكل جماعي هو رواية "الخيميائي" للبرازيلي باولو كيولو ، يقول هتان بارقعان لقد تم اختيار رواية "الخيميائي" لما فيها من بساطة في السرد ومتعة في القص ، كما أنها تتحدث عن أجواء شرقية ، وقمنا بعد شهر بعقد جلسة نقاش حول الرواية ، اكتشفنا بعدها متعة الحوار حول كتاب يعرف الجميع محتواه ، ثم قرأنا بعده كتاب هتلر "كفاحي" ثم كرت مسبحة الكتب المختارة لقد تم اختيار كلمة "الفالوذج" لاعتبارات تخص الكلمة فهي تعني حسب القواميس "لباب القمح مع العسل" الذي صار في التراث الإسلامي من طعام الملوك والأمراء، لما فيه من طاقة ومتعة ، وهذا هو معنى اختيار اسم النادي حيث يتحول الكتاب إلى وجبة غنية بالطاقة والمتعة لا يحصل عليها إلا خاصة الناس.

في اليوم الذي زارت فيه "الوطن" نادي الفالوذج صادف وجود الكاتبة علا باوزير والتي تحدثت باستفاضة عن تجربتها في الكتابة أمام أعضاء النادي ، ويقول محمد العمودي العضو في النادي أن الأعضاء يشعرون بالسعادة حين يستضيفون أحد الكتاب أو الشعراء فنحن نتعلم منهم الكثير ، وسبق أن استضفنا رئيسة الجمعية السعودية للقراءة ازدهار حريري ، وفي برنامجنا استضافة عدد من الكتاب والشعراء مستقبلاً.

لا ينتهي الحديث مع أعضاء نادي الفالوذج إلا وقد فهمت منهم أن الفكرة تقوم على بناء جسر معلق بين المعرفة والمتعة، فمن ناحية يوفر المقهى مناخاً للتسلية وتمضية الوقت ولقاء الأصدقاء ، وتمتين العلاقات الشخصية والمعرفة عن قرب من أكاذيب الإنترنيت ، ومن ناحية أخرى يحضر الكتاب بوصفة خيمة معرفية تجمع تحتها نخبة من الشباب والشابات السعوديين ، وهو ما يعني ابتكار أسلوب معاصر لبناء علاقات اجتماعية في مدينة يزيد عدد سكانها على 3 ملايين نسمة بالكاد يعرف بعضهم بعضاً.