عانت، وتعاني كليات البنات من كثير من المشكلات قبل، وبعد إلحاقها بالجامعات السعودية في مجالات مختلفة، وقد عملت كثير من الجامعات على حل الكثير من هذه المشكلات، وتحسين وضع هذه الكليات الأكاديمي.
ومع ما تم إنجازه حيال تطوير كليات البنات بعد إلحاقها بالجامعات؛ إلا أن هناك مشكلة عانت منها كليات البنات منذ زمن طويل، وما زالت تعاني منها ـ أغلب إن لم يكن جميع ـ هذه الكليات، وهذه المشكلة المستمرة هي العجز في أعضاء هيئة التدريس من السعوديات بكليات البنات في مختلف التخصصات، كما أن عملية التعاقد من الدول العربية، وغيرها من الدول أصبح مشكلة؛ حيث هناك توسع كبير في مؤسسات التعليم العالي في المملكة، وغيرها من الدول الأخرى، وهناك تنافس كبير على التعاقد على المستوى المحلي، أو الخليجي، وهناك ندرة في كثير من التخصصات من أعضاء هيئة التدريس (العنصر النسائي) في التخصصات الطبية، والرياضيات، والفيزياء، والحاسب الآلي، واللغة الإنجليزية، وغيرها من التخصصات النوعية، وأصبح هناك صعوبة في التعاقد في التخصصات الأخرى التي كانت في السابق متوافرة بدرجة كبيرة، ولحل هذه المشكلة جزئيا فقد يكون من المناسب التوسع في استقطاب المتميزات من خريجات هذه الكليات، وتعيينهن على وظائف معيدات، وحثهن على الابتعاث للجامعات المرموقة، والموصى بها في الدول التي يتم الابتعاث لها، والحصول على درجات عليا في التخصصات التي تحتاجها الأقسام الأكاديمية بكليات البنات، ولبعض الجامعات السعودية تجارب ناجحة في الابتعاث الخارجي للمعيدات، وعاد الكثير منهن بأعلى الدرجات، وكان لبعضهن إنجازات على مستويات عالمية، ولا بد من الاستفادة من فرص الابتعاث التي تتيحها الجامعات السعودية، أو برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث لحل هذه المشكلة.
ونظرا لظروف المرأة الاجتماعية، والأسرية على وجه الخصوص التي قد تحول دون ابتعاثها خارجيا، فلا بد من تفعيل الابتعاث الداخلي من خلال تطوير برامج للدراسات العليا في الجامعات السعودية التي لديها خبرات طويلة في هذا المجال، ويتم قبول نسبة كبيرة من المعيدات من مختلف الجامعات في هذه البرامج، وغيرها من البرامج القائمة حاليا بدلا من إلحاق هؤلاء المعيدات في برامج الدراسات العليا في الجامعات الناشئة التي لا يوجد لديها خبرات كافية، أو أعضاء هيئة تدريس ممن ليس لديه خبرة في تدريس مقررات الدراسات العليا، والإشراف على الرسائل العلمية؛ حيث بدأت بعض الجامعات حديثة النشأة بتطوير برامج للدراسات العليا وليس لديها خبرات سابقة، أو إمكانات بشرية مؤهلة، وبذلك لن تختلف مخرجات هذه البرامج عن مخرجات برامج الدراسات العليا في كليات البنات سابقاً قبل انضمامها للجامعات، فمن خلال التحاق بعض المعيدات بالبرامج الداخلية التي تقدمها الجامعات التي لها خبرات طويلة في الدراسات العليا نضمن أن مستوى مخرجات هذه البرامج متمكنة في الجوانب التخصصية، والبحثية، فنحن لا نريد أن يكون العجز في أعضاء هيئة التدريس من العنصر النسائي مركب (عجز في العدد، وعجز في التمكن من التخصص)، وهنا أرى أن أولياء أمور المعيدات مسؤولون عن تشجيعهن على الابتعاث الخارجي، أو الداخلي حسب ظروفهن لمواصلة تعليمهن، والحصول على أعلى الشهادات، وخدمة الكليات التي ينتمون لها.
وآمل ألا تؤثر عملية إعداد أعضاء هيئة التدريس من العنصر النسائي بكليات البنات من خلال الابتعاث الداخلي على الابتعاث الخارجي للمعيدات، ولن يتم إلغاء التعاقد مع الكفاءات غير السعودية التي قد تحتاجها الكليات في بعض التخصصات، ولكي يكون هناك تنوع في الخبرات، والخلفيات الأكاديمية، وحقيقة الأمر أن إلحاق كليات البنات بالجامعات السعودية كان عبئا كبيرا على الجامعات، وتطلب تطويرها من كافة الجوانب وقتا، وجهدا كبيرين، وكسبت كليات البنات الكثير من خلال إلحاقها بالجامعات أكاديميا، وإدارياً، وتطويريا، ومع أن هناك جهودا كبيرة بذلت لكليات البنات في عدد من الجامعات السعودية؛ إلا أن التوقعات منها عالية، ولا بد أن يكون هناك تركيز أكثر على هذا الجانب، وغيره من الجوانب الأخرى، وكل ما تم في هذا المجال ما هو إلا نتيجة حتمية لتوجيهات قائد مسيرة التعليم الأول، ورئيس مجلس التعليم العالي خادم الحرمين الشريفين وفقه الله، وأمد في عمره، ومتعه الله بالصحة والعافية.