عبدالله وياسر ومحمد وثامر وعبدالرحمن وعبدالكريم أشقاء ستة، يقفون عند إحدى إشارات المرور في المدينة المنورة منذ خمس سنوات لبيع المياه الباردة على سالكي الطريق، رغم ما قد يحدث من خطورة على حياتهم، غير أن المكسب يستحق المجازفة من وجهة نظرهم.
الحديث مع الإخوان الستة وسابعهم الذي ينتظر نهاية العمل لتقسيم الغلة لم يكن سهلا، لكن الثناء عليهم وعلى كفاحهم اليومي بدد مخاوفهم وشكوكهم بعد أن تأكدوا من غرضنا في تسليط الضوء عليهم كنموذج للصبيان والشباب المكافحين الذين يكسبون أرزاقهم بعرق الجبين.
يقول عبدالرحمن "العام القادم سأكون بالصف الثالث الثانوي، واليوم أبيع الماء بكل فخر، والمكسب ممتاز، ولن يصدق أحد أننا نكسب مبلغا كبيرا من بيع زجاجات الماء لمدة 7 ساعات يوميا من العصر حتى المساء".
ويضيف عبدالرحمن أنه تعرض إلى مواقف طريفة، حيث طلب منه شخص تبديل الماء بعرق مسكر فلم يكن أمامي سوى الابتسامة والرد عليه: "أني أبيع الماء" . "وسيدة تطلب أن أبيعها دخانا ولو أعطيها سيجارة واحدة، كما أننا نتعرض إلى مصادرة المياه بعض الأحيان من قبل الجهات الأمنية التي نعرف أنها تهتم وتخشى علينا من دهس المركبات".
وبين عبدالرحمن أنهم يبيعون نحو 40 كرتون ماء يوميا في بعض الأحيان، ومكسبهم يصل إلى الضعف حيث يشترون الكرتون بـ 15 ريالا مبردا. مشيرا إلى أنه يعتمد على الصرف على نفسه منذ سنوات. وأكد أن أكثر الطلب على الماء يكون بعد صلاة المغرب، حيث تنشط الحركة ثم تقل بعد ساعتين. قائلا إن فترة ما بعد الظهر غير مناسبة للعمل، حيث إن حرارة الشمس تتسبب في قلة الحركة.
ويقول الشقيق ثامر، نبيع الماء ونخاطر بين المركبات ولا نجلس بالحارة مع المدخنين ونزعج الجيران ونسبب الفوضى بالحي. مضيفا أن العمل ممتع وجميل، والحر يساعد على الشراء بصفة مستمرة من قبل المواطنين والمقيمين على حد سواء.
ويشرح الشقيق الثالث محمد أنه يلاقي دعوات جميلة من قبل المواطنين" عندما يعرفون أني سعودي ويبيع الماء لكسب الرزق الحلال لمساعدة والده والإنفاق على نفسه وتحمل المسؤولية مبكرا".
ويذهب الشقيق الرابع إلى أن البعض يتوقع أننا نبيع الدخان، ونؤكد لهم أننا نبيع ماء صحة، وأن الدخان مضر بالصحة وأن بعض السيدات يطلبن الماء أكثر من الرجال.
أما الشقيق الخامس فيقول: نحن متواجدون بهذه الإشارة منذ خمس سنوات، ولن يستطيع أحد البيع هنا لأن الجميع يعرفون أنها إشارتنا تتبع لنا، و بعض الأجانب حاولوا البيع هنا ثم غادروا الموقع بعد ساعة من العمل.
ويفكر الأشقاء الستة في الانفصال عن شقيقهم السابع الذي يتولى التحصيل نهاية العمل بتوزيع الغلة بينهم، حيث إنه يأخذ نحو 80% من الأرباح ويتولى هو تسديد المخالفات وغيرها، مشيرين إلى أنهم يبحثون عن فض الشراكة بشكل ودي، لأنهم يبحثون عن شراء مركبات خاصة بهم، حيث إن الدخل الشهري يصل إلى أكثر من 10000 ريال، صافي ربح من بيع المياه عند إشارة واحدة.