تقول الأرقام المتوفرة إن مصروفات أندية دوري زين للموسم الحالي بلغت 700 مليون ريال، وهو رقم كبير إذا ما قسنا العوائد التي جنتها هذه الأندية الـ14، وهي في خانة (لا شيء).
والعائد بمنظوري لا يقتصر على تحقيق بطولة، إنما العائد الحقيقي يتمثل في إنشاء ملاعب إضافية، أو إنشاء أكاديمية كروية بصورة أولية تتطور مع الوقت، أو إنشاء وحدات طبية متكاملة لا يحتاج معها لاعبو النادي العلاج بالخارج إلا في حالات ضيقة جداً، أو إنشاء مكاتب إدارية تكفي لاحتياج الكوادر بالنادي، أو تطوير المرافق الرياضية داخل هذه الأندية، أو جلب أجهزة فنية على مستوى عال للإشراف على المراحل السنية تضمن تهيئة سليمة للأجيال تدعم الفريق الأول بعد سنوات، أو تطوير وتحديث المعسكرات داخل هذه الأندية للاستفادة منها دون الحاجة إلى معسكرات بالفنادق ونحوها.
ولن نقول جديداً عندما نؤكد مرات على أن مشكلة الرياضة العربية عامة والسعودية خاصة، هي مشكلة إدارية بحتة، فالإدارة هي من تستطيع وضع الخطط المتكاملة وفق المتاح والظروف، ويكون هناك تسيير لأمور النادي بناء على خطة تنفيذية تم وضعها بعناية وبشكل دقيق، ويكون توظيف المبالغ بصورة تحافظ على التوازن بين المتطلبات الأساسية والأخرى الطارئة، على أن تتم عملية الصرف بناء على عملية إجرائية سلسة دون إبطاء لكنها في الوقت نفسه تحكم لمعرفة الاحتياج الحقيقي من الاحتياج المبالغ فيه.
لكن مثل هذا الأمر هل نتوقع أنه ما يحدث؟ أكاد أجزم أن شيئاً من هذا نادراً ما تعمل به الأندية السعودية، وكنت قبل عدة سنوات قريباً من عمل مجالس إدارات أكثر من ناد من أندية العاصمة السعودية، وتعرفت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على الكيفية التي تدار بها العملية الإدارية فيما يتعلق بالشأن المادي على وجه التحديد، فهي كما راقبتها وعايشتها أقرب ما تكون بالمزاجية، فبحسب مزاج الرئيس أو أصحاب القرار بالنادي يمكنك أخذ أكثر مما تتوقع، وتتسلم أكثر من مرة مبالغ عن طريق الهاتف، مما يعني أنه لم يتم تسجيلها كعملية إجرائية كما تدعو إلى ذلك اللوائح والقوانين التي تحض عليها الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
وأتذكر أننا نتحدث في كثير من الاجتماعات ونسمع أن اللاعب (أ) استلم مبلغاً تحت الطاولة من الرئيس أو من نائبه، واللاعب (ب) أخذ مبلغاً لشراء سيارة أو سداد بقية مستحقات، ونحو ذلك من الطرق خارج إطار العملية الإدارية السليمة، وما تجديد عقود اللاعبين ومقدمات العقود إلا مثال من أمثلة الهدر المادي المبالغ فيه بصورة تشعرنا ونحن نطلع على أرقام التعاقدات وكأننا أمام لاعبين خارقين أو يغيرون من موازين اللعب في ظرف دقائق، إلا أن واقع الحال غير ذلك، فلاعبونا مجرد أرقام عند التعاقدات وتغطيات الإعلام الرياضي السمجة قبل وأثناء تجديد عقود هؤلاء، لكنه على مستوى الأداء (عادي جداً) ولا يقدم ما يشفع له بطلب (ربع) مبلغ عقده.
ودليل آخر يؤكد أننا نبالغ ونثقل كاهل أنديتنا بمبالغ من أجل لاعبين هم بميزان التميز والتصنيف القاري والدوريات المحترفة (عاديين).. فأين اللاعب السعودي من تجارب الاحتراف الكروي حتى في الدوريات الأوروبية درجة ثانية التي عادة يبتدئ منها اللاعبون من القارة الأفريقية واللاتينية ومن ثم يلتحقون بأندية أكبر، فالحقيقة أن لاعبينا لا تتوافر فيهم مواصفات اللاعب المحترف إن كان على المستوى البدني واللياقي أو على مستوى الجدية والانضباطية المطلوبة من التزام بحصص التدريب والتقيد ببرامج العلاج والتهيئة، وما إلى ذلك من متطلبات أساسية تنعكس في داخل الملعب نشاطاً وحيوية وحركة وتأثيراً وتألقاً.
إن أنديتنا عليها واجب أن تضع استراتيجيات صرف مالي مقنن، وأن تحكم كل صغيرة وكبيرة في هذا الجانب وفق عملية إجرائية تكون سلسة ودقيقة كي لا يستمر الهدر المبالغ فيه بميزانيات الأندية ودون عائد يرى أو يشاهد على أرض الواقع.