سفرة زاخرة بأصناف الأطعمة المختلفة.. يصطف حولها أفراد العائلة كبيرهم وصغيرهم منتظرين رفع أذان المغرب ليبدؤوا في الاستمتاع بتناول وجبة الإفطار على المائدة الرمضانية التي تزينها الكؤوس الزجاجية الأنيقة المصطفة على أطرافها . ووسط هذه البهجة الرمضانية نجد أشخاصا، خاصة كبار السن، يفتقدون للأطعمة الشعبية الرمضانية القديمة كمشروب قمر الدين وطبق الجريش والمنسف والعصيدة وغيرها من المأكولات الشعبية التي طغت عليها المأكولات المستحدثة من عصائر جاهزة وحلويات ومعجنات "الباستا "و"البيتزا" والشوربات سريعة التحضير والعديد من أنواع السلطات الإيطالية والروسية واليابانية.

وعن الاختيار بين الوجبات الحديثة بأنواعها المختلفة والأكلات الشعبية المعتاد وجودها على مائدة رمضان, تقول أم خالد "في العقد الخامس من العمر" : أتشوق دوما لرؤية الأطباق الشعبية القديمة على المائدة الرمضانية كالجريش والمنسف وغيرها، ولكن أفراد العائلة، خاصة الشباب منهم يفضلون المأكولات السريعة والمعجنات، ولا أملك إلا أن يتحول شوقي للمأكولات الشعبية إلى أمنيات حبيسة في داخلي أسترجعها فقط للذكرى للاستئناس بها، ولتكون من بين حكاياتي لأحفادي الشباب على مائدة الإفطار.

أما (أبو خالد) فيذكر أن هناك فارقا كبيرا بين رمضان قديما ورمضان الآن، فالتجديدات في الأطعمة ما زالت تطل علينا في كل عام وتتسيد على المائدة الرمضانية وتكاد تخفي الأطعمة الشعبية التي نرغب فيها ونعشقها ولها نكهتها الخاصة في نفوسنا، خاصة نحن كبار السن. أما (أم تركي) سبعينية، فلم تخف رغبتها في تناول الأطعمة الشعبية، حيث تقول: المأكولات الشعبية أصبحت غائبة وتحن إليها المائدة الرمضانية كمشروب قمر الدين والتمر الهندي وطبق المنسف الذي كان يتسيد السفرة وخبز المقشوش الذي تعده ربة المنزل وخبز التنور الذي يزين المائدة الرمضانية.

وحال (فاطمة) لا يختلف كثيرا عن حال (أم تركي) والتي تستمتع برؤية أحفادها على المائدة الرمضانية ولكل منهم طبقه المفضل. غير أن ما يميز( فاطمة) عن غيرها هو أنها تقوم بإعداد بعض الأكلات الشعبية الرمضانية بمشاركة زوجة ابنها (أم فهد). وتقول إنها تعد الأطعمة الشعبية التي يغلب عليها اللون الأبيض الممتزجة بالألبان والتي تقوم بصنعها بحكم خبرتها.

وعلى الجانب الآخر تذكر تهاني (طالبة جامعية) أنها تفضل المأكولات الرمضانية الحديثة كالمعجنات والبيتزا والسلطة الإيطالية التي تفتتح بها إفطارها حفاظا على رشاقتها.ويذكر سلطان (طالب في المرحلة الثانوية ) أن لكل جيل أطباقه الخاصة التي يستلذ بتناولها، وقال إنه يفضل جميع ما تعده والدته، بالإضافة إلى طبق الجريش الذي تعده جدته خصيصا له.وتعزو اختصاصية علم الاجتماع عنود العنزي الميل للأكلات الشعبية إلى أن للأطعمة الشعبية نكهتها الخاصة والمميزة عند كبار السن، لأنها تشعرهم بمدى الاهتمام بهم وعدم تهميشهم على مائدة الإفطار، خاصة إذا ما تمت استشارتهم عن الطبق الذي يفضلونه قبل إعداده. وتضيف العنزي:أجواء رمضان حميمية ولها طقوس خاصة، وبعض المأكولات الشعبية لها وقع نفسي عميق، خاصة عند كبار السن.