كما قلت تماما كما أننا لا نعرف من هو الساحر الحقيقي الذي يجب أن تضرب عنقه، من الساحر النصاب الذي يدعي المعرفة وهدفه الثراء على حساب البسطاء.. نحن أيضاً لا نعرف من هو "الراقي" الحقيقي الذي يستحق ثقة الناس.. ومن هو الراقي النصّاب!
بذات قياس الأمس: عندما يقوم أحد الرقاة بإحضار برميل من الزيت، ويقوم بالنفث فيه وتوزيعه في زجاجات ويبيعه علينا، دون أن يثير ذلك في النفوس أي شك.. ويجد من يشتري منه بنفس مرتاحة، فنحن أمام مشكلة!
وعندما لا يجيد الراقي الشرعي، قراءة الفاتحة، ومع ذلك نجد الناس يتزاحمون أمام باب منزله، دون أن يثير ذلك استغرابهم، أو حتى يرسم في أذهانهم علامة استفهام، فنحن أمام مشكلة!
وعندما يكون ماضي "الراقي" أسود، ويتفاجأ الناس بأنه أطلق لحيته وأصبح راقيا تضرب له أكباد الإبل.
يؤكد لي بعض هذه الحكايات الأخ القدير الشيخ صلاح السعيد مدير عام الشؤون الميدانية بالرئاسة العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. أثناء حديثي معه سألته: لماذا لا يتم القبض على "الرقاة" الذين اتخذوا من الرقية الشرعية وسيلة للثراء.. فأجابني أن ذلك هو ما يحدث تماما.. حيث يتم استدعاء الراقي وأخذ التعهد عليه بعدم مزاولة الرقية.
المشكلة في قضية الرقية الشرعية، ذات شقين: الشق الأول، أنها أصبحت وسيلة للثراء وكل المتطلبات لحية وبرميل زيت وكرتون ماء صحة..!
والشق الثاني، يكمن في صعوبة إقناع المريض بالابتعاد عن هذا الراقي أو ذاك.. لأنه وصل إلى مرحلة الغريق الذي يتعلق بقشة.. من هنا يفترض أن تتم توعية المجتمع بخطورة هؤلاء الرقاة التجار مبكرا.. لا يجب أن نلقي باللائمة على الأجهزة الحكومية في متابعة هؤلاء ومعاقبتهم.. صدقوني لو أن المجتمع انصرف عنهم لأغلقوا أبواب منازلهم.