وهي ليست جملة عابرة من تلك التي نتجمل بها كثيراً كي يصفنا الناس بالمتحضرين، والمستنيرين، والمواكبين للعصر، أو نكتبها في سطرين بمناسبة ومن دون مناسبة ؛ بينما نحن نمارس عكسها تماماً؛ بقدر ما هي نصرة حقيقية انعكست في صناعة وإخراج امرأة واثقة من نفسها وقدراتها، وعصرية تعرف ماذا تريد بالضبط، ولا تحتار بين مستقبلين، ورأيين، وموقفين متضادين؛ بل امرأة تليق بقرن الحرية وفضائها الواسع، والمستنير إنسانياً وحقوقياً.

لذلك لم يعد غريباً أن تشارك شقيقها الرجل بندية في كل المجالات، وأن تضيء الشموع لأسر بأكملها هي بالنسبة لهم المعيل وراسم المستقبل، والبسمة المشرقة على الدوام؛ دون عقد أو تهويمات وسوسة، أو مركبات نقص أو استنقاص مقصود وفاضح..

المرأة في زمن نصيرها الكبير هي كائن متحضر لا يهاب التجربة، ولا يتراجع، ولا ينحني إلا لخالقه، وحتى لو تكاثر المرجفون والشكاكون في كل شيء بداية بأنفسهم؛ فنحن نرى نتائج نصرته الحقيقية:

وقوف بكامل البهاء والألق والخيلاء في أرقى الجامعات داخلياً وخارجياً، ومشاركة فاعلة في الفضاء المسموح به دون استثناءات تأويلية، أو نصية مغلقة؛ بل وخلق مساحات نسائية مكتظة بالأمل في عسير ونجد و الحجاز وكافة أرجاء الوطن، ومطالبات طموحة لا تتوقف بما لم يتحقق بعد وهو كثير مقارنة بطموحها المشروع.

وبالتالي فثقافة المرأة في بلادنا تغيرت للأفضل بشكل عام، ولم تعد هي تلك الضعيفة والمهيضة الجناح، والمنهوبة الحقوق تحت ستار المجتمع الذكوري البحت؛ الذي لم يكن يبالي كثيراً بعذاباتها وخنقها ليل نهار وبحجج واهية ، والفضل بعد الله لنصيرها، وملهمها الكبير، وواهمٌ جداً من يعتقد _ ولو للحظة_ أن الزمن سيعود إلى الوراء، أو أن المرأة ستتخلى عن مطالبها العصرية المشروعة ديناً ودنيا، أو أنها ستعود إلى الوراء من أجل جلبة يتأبطها فلان أوعلان من الناس؛ فنصرة المرأة الحقيقية التي تعلمناها من خادم الحرمين الشريفين أصبحت ثقافة عامةً لمجتمع بأكمله، وهي تعني بكل بساطة: أن تكون المرأة في عمق القرن الحادي والعشرين، أو بالأحرى القرن الذي لم يعد يقبل أنصاف الحلول، هذا القرن الرائع الذي يحتفي بالنساء كثيراً ويعتني بنديتهن وتطلعاتهن المشروعة على مستوى العالم، وهي أمور تعين الواعدين والواعدات بتحديد الهدف، وضبط بوصلة الوقت على الأمل الدائم والمستقبل المشرق، والتنافسية المحمومة؛ لا لشيء إلا لأن البقاء أبداً للأفضل، والقادر على الصمود والتحدي، والخلق والإبداع، وبكل ما تعنيه الكلمة من معنىً حقيقي أو مجازي، ويا لها من عقود طويلة ومملة ومؤلمة تلك التي كانت فيها المرأة في بلادنا شيئاً مهملاً لا يُلتفت إليه؛ مع أن ديننا الحنيف أكرمها ولم يقل بشيء من الجهالات والموبقات نحوها.

وحينما نتذكر تلك العقود الخوالي فنحن نقدر عالياً إصرار المرأة الحديثة على أن توجد لنفسها مكاناً يليق بها، وندعمها في مساعيها الحميدة بما لا يتعارض مع قيمنا وأعرافنا، فهي في النهاية الوَلادة المبدعة، ولا حقيقة للحياة والأطفال، والأفكار النبيلة أيضاً .. اليوم نتذكر أن كثيرين جداً هم أعداء للمرأة في بلادنا، ولأسباب مختلفة؛ لكننا نتذكر في المقابل ما هو أهم: عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- نصيرها الأول.