نقلت صحفنا ـ الأسبوع الماضي ـ أخباراً عن عقد وزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي اجتماعاً مشتركاً بين وزارة الإسكان، وعدد من المنتمين لقطاع الأعمال والمقاولات والعقار الوطنيين، بهدف معرفة إمكانية إسهام القطاع الخاص والمشاركة في تنفيذ مشروع الـ500 ألف وحدة سكنية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين واعتمد تصاميمها الأولية في هذا الشأن.. وأكد فيها الوزير أن المقاول الوطني يشكّل الأساس بالنسبة لوزارة الإسكان، إذ إن معظم مشاريعها تم توقعيها مع مقاولين محليين، لافتاً إلى أن الوزارة مقبلة على مشاريع كبيرة وجبارة وتأمل بترسية جميع مشاريعها على مقاولين محليين، وتم الاتفاق على عقد اجتماع آخرالشهرالمقبل لوضع فريق عمل مشترك لتأهيل المقاولين المحليين وتكوين تحالفات لضمان عدم تعثر أي مقاول من خلال إيجاد (تكتلات) بديلة تكون جاهزة لتولي تنفيذ المشروع.. الخبر هنا انتهى، وبدأت بعده التصريحات النارية، لبعض من المقاولين والأعضاء الذين تطلعوا إلى أن يحظوا بتنفيذ المشاريع الإسكانية فذهب بعضهم إلى أن المشروع لا يحتاج إلى خبرات عالمية، وأن الأمرلايتطلب أي تعقيدات فنية أو هندسية، ولدى القطاع المحلي القدرة على تنفيذ المواصفات المطلوبة لمثل هذه المشاريع! وبعضهم ذهب للعزف على وتر الوطنية ومغازلتها بحجج العائد على الاقتصاد الوطني عند ترسية عقود التنفيذ على شركات محلية!
وبما أن صدر الوزير رحب كما صرح بذلك ومعني بسماع جميع وجهات النظر والاقتراحات فمن حقي كمواطن أن أعترض على أمل وثقة معاليه في المقاول الوطني وأحببت أن أشاركه الرأي، فما يهم المواطن وأسرته أنه (يتمنى) الحصول على منزل مناسب ولائق يحقق أحلامه واستقراره لمدى العمر (بجودة) عالية لاتنغصه أو تكدره بعد مضي عدة أعوام بعد انتظار طال أمده ومداه سنين طويلة!
كثير من الشركات الوطنية المنفذة لمشاريعنا استنزفت خزينة الدولة وتضخمت حساباتها على حساب مستقبل مدن وأمن مواطنين، فكم مشروع متعثر حتى الآن على خارطة وطني، وكيف تعرت عروسنا اليتيمة (جدة) لمرتين بين أربعاءين حتى غدت جزيرة وضحاياها المئات من أبناء الوطن ومقيميه!، وكم مدرسة ومبنى خدمي هدم قبل الانتهاء من تنفيذه!
لسنا نعيش في كوكب آخر، فكثير من المقاولين الوطنين لايعنيهم المواطن بقدر مايعنيهم تضخم أرصدتهم فقد خيبوا آمال الدولة التي قدمت لهم كل شيء وخيبوا آمال المواطنين لعدم اهتمامهم وجديتهم وتباطئهم بالعمل في مشاريع جُعلت في الحضيض بجودة ردئية وبمبالغ ضخمة، تحفها المحسوبيات مع هامش استلام المئات من تأشيرات العمل بيعت مع ترسية مشاريع (الباطن) تقابلها مئات من المشاريع تئن معطلةً وسيئة بدلائل دامغة جعلتنا نخصص جزءاً من رواتبنا الشهرية لصيانة وإصلاح سياراتنا من رداءة الشوارع والطرق التي يعاد تنفيذها في السنة مرتين أو أكثر ببصمة مقاول وطني في كل مرة!
يجب تقديم المصلحة العامة (للمواطنين) على المصلحة الخاصة (للمقاولين) الوطنيين، وألا نلوي عنق مفهوم الوطنية في مشاريع استراتيجية أونحملها مانندم عليه كما بكينا على مدن كاملة غرقت بأهلها! فما فائدة المقاول الوطني إذا لم يعمل بجودة عالية ومخرجاته سيئة فهل يجب أن تنمو شركته على حساب حق من حقوق الوطن والمواطن؟
معالي الوزير.. كم تمنينا مبادرةً منكم بتقديم دعوة لشركات عالمية ذات خبرة، أو نقرأ خبراً عن زيارتك لإحدى الدول المتقدمة مدنياً، أو زيارة خاطفة إلى إحدى دول الجوار فقط مابين شارع الشيخ زايد في دبي إلى الحي الدبلوماسي في الدوحة، وإن لم يكن فزيارة (أخطف) لمشاريع إسكان الحرس الوطني التي نفذتها شركة عالمية فرنسية بتخطيط سليم ووقت قياسي وتصميم أنيق وجودة عالية تتحدث، أقلها أنك لاتكاد ترى للأمطار أثراً عند سقوطها وبغزارة!
إن أردنا أن تنجح مشاريعنا فلنتجه للشركات العالمية المعروفة والتي تهمها سمعتها قبل كل شيء وبسعرٍ أقل وبإنجازٍ أسرع وبجودةٍ أفضل وسنضمن بذلك آلاف الوظائف لشبابنا مع اكتساب خبرات حقيقية لامواراة فيها إن اشترطنا ذلك، وسينفذون دون تسويف أو مراوغة ! ودرس آخر للمقاول الوطني وبعض شركائه من بعض الجنسيات العربية المتمرسة في عالم المقاولات تحت غطاء الغترة والعقال ولغة الشيخ عدنان (عزَ الله إنك رجال طيب) ليكون بمثابة (قرصة أُذن) لعله يصحو مستقبلاً من سبات المشاريع العائمة لتجعله يشارك في بناء الوطن مستقبلاً بكل أمانة واحترافية.