استأثرت منذ أسبوع وما تزال, قضيتان لا ثالث لهما بكل الاهتمام والمتابعات الإعلامية في القارة الأوروبية, وهما قضية أزمة انتشار الخيار الملوث في أوروبا كقضية باتت صحية بامتياز، لكن أبعادها تتجاوز حدود الصحة لتطال الاقتصاد الأوروبي وتعمق الشرخ الاقتصادي بين دول منطقة اليورو.

وأودت بكتيريا (إي.كولاي) المعوية التي تنتقل عبر منتجات الخيار إلى مقتل 15 شخصا وإصابة 1500 شخص بمرض جرثومي في أوروبا، وتراشقت ألمانيا وإسبانيا الاتهامات حول مصدر الجرثومة.

والقضية الأخرى هي النجاح المدوي الذي حققه برشلونة آسر الكون بقيادة معجزته المذهلة ليونيل ميسي في نهائي دوري الأبطال الأوروبي في ويمبلي, وتطرح وسائل الإعلام الأوروبية خاصة سيناريوهات تحليلية افتراضية للكيفية التي يواجه بها فريق برشلونة بقيادة ميسي الفرق المنافسة، ويحيلها من فرق عملاقة إلى فرق كأنها مبتدئة في اللعبة!!

ما إن تحرك (الريموت كونترول) طلباً للتعرف على آخر المستجدات من خلال المحطات الفضائية الدولية حتى تجد نفسك أمام قضية (الخيار) الأوروبي شاغل الناس هناك, وتتهاطل أمامك التقارير من كل مكان في القارة العجوز لمتابعة القضية الساخنة, وتستمع من خلالها إلى شهادات مواطنين ومسؤولين عن آخر مستجدات هذا الحدث المفاجئ الذي يطال صحتهم, وكل يدلي بصوته في هذه القضية بدرجة باتت جميع النشرات الإخبارية لا تخلو من صورة (الخيار) الإسباني وهو نوع مختلف شكلاً وقيمة, والمحصلة تؤكد أن هناك بالفعل قضية, وتتزايد يوماً بعد آخر المخاطر الاقتصادية من جراء انتشار هذه الأنباء المتتابعة.

والجانب الإيجابي في كل هذه الأجواء, يبرز من تناول ظاهرة فريق برشلونة ونجمه المبدع ليونيل ميسي, فأنت من واقع الطرح الذي في جميع وسائل الإعلام عن هذه الظاهرة, ومتابعتك للتحليلات على اختلاف مصادرها تجد أنها تجمع على أن هناك حقيقة كروية جديدة أوجدها هذا الفريق مع مطلع هذه الألفية, ولا يستطيع أحد أن ينكرها أو يجيرها لصالحه أو يربطها بمدرسة أدائية سابقة, فما يقدم من فريق برشلونة تحت مظلة ميسي شيء غير مألوف بكرة القدم, عبر عنه كثيرون بأنه أشبه بالخيال والمتعة الباذخة الجمال على أرض الملعب, وعندما يتوقف كثيراً رمز كروي مثل بكينباور على قيمته ومكانته في كرة بلاده والكرة العالمية, ويشير إلى أن هذا الفريق بقيادة المدرب العبقري بيب جوارديولا هو النموذج المثالي للفريق الكروي في هذا القرن, وعلى الجميع أن يستمتع بما يقدمه، وعندما يقول رموز آخرون إنهم سيذهبون إلى ملعب ويمبلي كي يستمتعوا بما سيقدمه الفريق ونجومه الأفذاذ على أرض الملعب حتى وإن كان من يلعب ضده فريق بحجم ومكانة مانشستر يونايتد وبقيادة فنية خبيرة ممثلة في السير ألكس فيرجسون، فإن السؤال كان في محله، كيف يلعب هذا الفريق وكيف يتم إيقافه عن العزف المنفرد؟!.

الجميع حاول أن يجد إجابة مقنعة لهذه التساؤلات التي تتزايد كلما ذهب فريق برتبة (كبير) ضحية البارسا, و يتساءلون: هل هذا هو فريق (أ), وهل هذا هو فريق (ب) ؟.. أبداً لقد اختفوا من المباراة وظل فريق واحد يلعب أمامنا, ويستحوذ ويسيطر على مساحات الملعب, ويمرر ويسدد أكثر على المرمى, إنها مباريات من طرف واحد فقط.

أصاب برشلونة المحللين في مقتل, وأحال جميع اجتهاداتهم للتقاعد, وقلص من مساحات الفكر التي كانت تقترن بكثير من تحليلاتهم وهم يحللون قضية غير برشلونة, لكنهم يفشلون فشلاً ذريعاً عندما يحاولون الاقتراب من كيفية أداء تشابي هيرنانديز وأندريس انييستا وليونيل ميسي وجيرار بيكيه وداني ألفيش وديفيد فيا.. وغيرهم.