من خلال متابعتي لبعض ما يحدث في القطاع الحكومي من انخفاض في مستوى الأداء والإنتاجية والذي بدوره أدى إلى التأثير السلبي على الخدمات المقدمة للمواطنين، سواء من خلال ما تنشره الصحف أو من خلال التعاطي مع بعض الإدارات الحكومية، أستطيع القول من وجهة نظري إن ما نعانيه هو باختصار (أزمة إدارة)، وتحديداً في مديري المستويات الوسطى، حيث يتعاقب على بعض الوزارات وزير بعد وزير ونجد أن المشاكل هي المشاكل والأخطاء هي الأخطاء، فرأس الهرم في أي قطاع يجاهد لأن يكون عند حسن ظن ولي الأمر، ولذلك يلجأ إلى التطوير والحماس الذي يصطدم بمقاومة المستويات الوسطى في القطاع لهذا التطوير بسبب الخوف من فقدان بعض الصلاحيات الممنوحة لهم سابقاً. فأي قرار يتخذ لابد أن يكون مبنيا على معلومات دقيقة، ومصدر هذه المعلومات غالباً ما يكون من المستويات الوسطى، ولأن مديري هذه المستويات يتم تكليفهم وفق اعتبارات شخصية وليس وفق معايير واضحة، فإنه تنشأ طبقة من المديرين تفتقر إلى التخصص والتعليم المناسب والصفات الشخصية المؤهلة للإدارة، والذي يؤدي إلى انتشار سياسة (كله تمام)، وبالتالي نقل صورة خاطئة لمتخذ القرار والذي على ضوء تلك المعلومات يصدر القرار، مما يؤدي إلى تكرار نفس المشاكل والأخطاء. والحل من وجهة نظري يتطلب وضع معايير يتم على ضوئها تكليف مديري المستويات الوسطى ، ومن أهم هذه المعايير التخصص والخبرة والتدريب والصفات الشخصية. وقد يتساءل القارئ: كيف تتم معرفة واكتشاف الصفات الشخصية للمدير؟ والجواب أن هناك العديد من الطرق التي يتم بها اكتشاف ومعرفة الشخصية، لعل أبرزها الاختبارات التحريرية التي يمكن من خلالها معرفة مستوى ثقافة الموظف وكذلك طريقة تعامله مع بعض المواقف وغير ذلك . كذلك التركيز على نقطة جوهرية في العلاقة بين الإدارة العليا وبين الإدارات الوسطى والإدارات الدنيا تتمثل في غرس مفهوم الشراكة بين تلك المستويات، سواء في وضع الأهداف أو تنفيذها أو تقييم النتائج . إن نجاح أي قطاع حكومي ينطلق من كفاءة المستويات الوسطى، فهي حلقة الوصل بين الإدارة العليا المختصة بوضع الخطط الإستراتيجية للقطاع وبين الإدارات الدنيا المنفذة لهذه الخطط .