يظن بعض الكتاب من النخب المثقفة أن دعوته لحضور المناسبات الوطنية إنما تأتي من مبدأ «المقايضة»، نحن ندعوك وأنت تمدحنا، وتشيد بإنجازاتنا، وهذه نظرة نمطية عقيمة، ومفهوم سرابي، بدأ ينحسر ويشحب ويخفت، فهذه المؤسسات الضخمة لم تعد بحاجة إلى تجسيد تلك المعادلة المغلوطة، والإصغاء إلى التواشيح المترهلة، وإنما هي «دعوة للفرح» وإشاعة للغبطة، والمشاركة في الوقوف والإطلالة على شرفات المستقبل لترى بعينيك ذلك الوهج الذي بدأ ينسرب إلى الذهن، ويعرش في خبايا الروح، حين تبصر البشارة والوعد بغد زاهر بالتفاؤل والوضاءة، ومن هنا فلا أحد يرفض أن تدون ما تحبسه في ذاتك، سواء كان مع أو ضد، وتتراسل مع مشاعرك تجاه الحدث المعاش؟ وهذا ما أجج حسي، وحرضني على الكتابة، فخطاب ودور بعض الجامعات في بلادنا لا يتعدى مدرجاتها، ولا يتجاوز أسوارها، مما يعطل دورها التاريخي والحضاري، ويضعف حضورها وإسهامها في صياغة الوعي المجتمعي، واستثمار توقدها للتماهي مع واقعها، ولكن ما تحقق في جامعة جازان حين اقتحمتْ سواكن المجتمع، وتداخلتْ مع المشهد العام كسر النموذج البارد والتقليدي، وتفاعل مع الأرض والإنسان، فقد وظفت رصيدها الهائل من العقول والكائنات المشعة لتنسج ذلك المنحى والأفق الطقسي في بناء مشهد مترع بالمغايرة والمغامرة والتميز، فألغت المسافة بينها وبين ما وراء أسوارها، وانصهرت أو كادت مع حقول التنمية، وتناغمت واستنبتت لحظتها المشتعلة سواء في تحسين مخرجاتها التعليمية، وتعزيز برامجها الأكاديمية، والالتفات إلى البحث العلمي، وتبادل الخبرات والكفاءات مع المنظمات والهيئات المتخصصة محلياً وعالمياً، وتلبية احتياجات المجتمع بتقديم الدراسات العلمية لقضاياه الاجتماعية والصحية والبيئية والتنموية والشراكات مع المؤسسات والجامعات العالمية، إلى جانب الاتفاقيات الداخلية والوطنية كاتفاقية التعاون والتدريب مع الأمن العام، والهيئة العامة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحرس الحدود، والهيئة العامة للسياحة والآثار، والغرفة التجارية الصناعية بجازان، والصندوق الخيري الاجتماعي، وشركة سابك, ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات، وتوقيع مذكرة تفاهم مع الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة جازان، واتفاقية التوعية بأضرار القات. ومواصلة حملة مكافحة المخدرات، وإنشاء مركز المؤثرات العقلية، والتوسع في مجال الابتعاث إلى أرقى الجامعات العالمية، وتجسيد التراث والتقاليد من خلال إقامة معرض الجنادرية المصغر الذي يبرز التراث وأنماط الحياة القديمة في مناطق المملكة ودول الخليج العربي. ترى هل هذه جامعة أم وطن مشمس داخل جامعة؟