لبيت بكل سعادة دعوة معالي الوزير المستشار المكلف بالشؤون الدينية في جمهورية السنغال الأستاذ أحمد بمبا إنجاي، ومعالي رئيس اللجنة التنظيمية لمؤتمر (علماء الأمة) الشيخ محمد الحافظ النحوي؛ وزير إعلام موريتانيا الأسبق، ورئيس التجمع الثقافي الإسلامي في موريتانيا وغرب أفريقية لحضور المؤتمر. وكم كانت مفاجأة جميلة أن التقيت ـ وأنا السعودي ـ بعضاً من علماء بلدي ـ السعوديين ـ في مؤتمر برعاية خاصة ـ سعودية ـ. أكتب مقالي من السنغال، بعد أن اختتمنا الأربعاء الماضي أعمال مؤتمر علماء الأمة، الذي حظي برعاية سامية من خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ورعاه ـ وأشرف على رئاسته الفعلية فخامة رئيس جمهورية السنغال ـ وفقه الله ـ رئيس الدورة الحادية عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي؛ الذي يعد صاحب المبادرة في الدعوة إلى انعقاد هذا المؤتمر العالمي الأول، الذي جمع عدداً مهماً من العلماء والفاعلين المهتمين بالشأن الإسلامي من مختلف القارات، وغطت توصياته بما لا مزيد عليه أغلب الوسائل الإعلامية.

السنغال كدولة تتميز بطبيعة خاصة، فهذا البلد الغرب أفريقي قريب جداً من دولة عربية شقيقة؛ هي موريتانيا. والعاصمة (دكار) تعتبر من أجمل مدن غرب أفريقية ـ أسماء البلدان والأمكنة تكتب بالتاء المربوطةـ، وتتميز بنمط أفريقي جذاب. والسنغاليون يعشقون الفنون اليدوية ويعتبرونها جزءاً من حياتهم ومكوناتهم الطبيعية. كل شيء هناك يبدو ساكناً، ولا تسمع غالباً إلا أصوات الصيادين، ونقر النجارين في محلات التحف، وغيرها من أصوات صانعي الأقنعة.. التاريخ يشهد بأن الإسلام دخل السنغال خلال القرن الحادي عشر الميلادي، ـ 94% من السنغاليين مسلمون ـ وأن الاستعمار الأوروبي تسلل إلى السنغال بالتدريج، من البرتغال وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ثم فرنسا مجدداً، حتى أصبحت دكار عاصمة لأفريقية الغربية ـ أفريقية بفتح الألف ـ ثم اتحدت السنغال مع السودان الفرنسي بمسمى اتحاد مالي، ثم استقل الاتحاد، وقسمته المشاكل بعد ذلك إلى دولتين هما السنغال ومالي، وبعد فترة اتحدت السنغال مع جامبيا باسم سنجامبيا، ثم تفرقت الدولتان عام 1989م.

زيارتي الأولى للسنغال سررت بها جداً، لا سيما أنها ربطت بيني وبين مجموعة من العلماء السنغاليين الذين كانوا يقومون أثناء أدائهم للحج والعمرة، أو حضورهم للمناسبات الرسمية بزيارة سيدي الجد؛ السيد حسن فدعق ـ إمام الشافعية في المسجد الحرام ـ مثل كبير علماء قارة أفريقية في عصره الشيخ إبراهيم نياس؛ أحد أبرز الأعضاء المؤسسين لرابطة العالم الإسلامي، وصهره الشيخ علي سيس، ومستشاره وممثله الشيخ إبراهيم جوب. وحمدت الله كثيراً أن تشرفت مجدداً برؤية الشيخ جوب الأمين العام لمنظمة علماء المغرب والسنغال، الذي كانت ومازالت تعجبني جداً فصاحته وطريقته في الخطابة والوعظ، والحمد موصول على رؤية الشيخ أحمد التيجاني بن إبراهيم نياس الذي ورث عن والده العقلية الواعية المتبصرة. بحق لقد تيقن كل من شارك في المؤتمر أن من تشرفت بذكر أسمائهم، ومن سبقهم من الأفذاذ كالحاج عمر الفوتي، والحاج أحمدو بمبا، والحاج مالك سي وغيرهم؛ هم من نجح بتوفيق الله سبحانه وتعالى في حفاظ السنغال على عمقه ـ البلد لفظ مذكر ـ الديني والعربي، رغم كل محاولات الضد الأخرى.. انتهت مساحة المقال، وقد تكون لي عودة للمؤتمر بأمر الله.

دعاء:

أسأل الله أن يعجل بإنهاء قصر بعض بني قومي على مختلف مستوياتهم دعواتهم الداخلية والخارجية على أناس دون أناس، عاجلاً غير آجل.