ثلاث نقاط وردت في كلمة سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية جديرة بالاهتمام والتركيز والتعميم والتكريس، وذلك أثناء ترؤسه لمجلس منطقة مكة المكرمة مساء الأحد الماضي.
النقطة الأولى تتجلى في قوله (وُجدنا لخدمة هذه الأمة الكريمة التي هي شعب المملكة العربية السعودية برجالها ونسائها صغارا وكبارا) وقد أكد الأمير هذا المعنى وكرره في كلمته عدة مرات، وهذه حقيقة معروفة فسمو النائب الثاني يقتدي في هذا الأمر بخادم الحرمين الذي قال (ما أنا إلا خادم لكم)، لكن الأمير نايف حين يلح ويكرر هذا المفهوم الرفيع للمسؤولية لا يريد أن يخبرنا كشعب ويطمئنا فقط، لكنه يبعث برسالة واضحة إلى الوزراء وإلى جميع المسؤولين في الدولة في مختلف المواقع، وقد قالها بصراحة وهو يطالب المواطنين بإيصال شكاواهم وملاحظاتهم، ويطالب المسؤولين بفتح أبوابهم وقلوبهم وعقولهم للناس، بحيث يترجمون فعلا مفهوم الخدمة الذي تلح عليه القيادة وتطبقه.
النقطة الثانية أن النائب الثاني بارك خطوة أمير مكة في إشراك المواطنين في إعداد ومناقشة تقرير الأداء، بل وعبر بوضوح عن انشراح صدره للخطوة الحضارية المتميزة، التي أوضحت ما تم إنجازه وما هو تحت الإنجاز وما هو متعثر أو متوقف من المشاريع، ولم يتوقف الأمر عند مباركة الخطوة، بل إن الأمير نايف طالب أمراء المناطق والوزراء بأن يفعلوا ذلك وأن يشرحوا الموقف للمواطنين علنا ويناقشوهم ويأخذوا بملاحظاتهم ومقترحاتهم.
النقطة الثالثة تتجلى في طموح الأمير نايف في تطوير الأداء الحكومي وإصلاحه، حيث ركز على أمرين، أولهما تجنيب المواطنين الروتين والعمل على إنجاز أعمالهم، وللحق والموضوعية فإن الأمير نايف يتحدث وتحت إدارته المباشرة أنموذج للنجاح في إقصاء الروتين، حيث تعد وزارة الداخلية حتى الآن أفضل وزارة في خدماتها الإلكترونية، وفي إنجاز معاملات الناس، وهي لم تبلغ الكمال فهناك بعض موظفيها وبعض إجراءاتها تتطلب تطويرا، لكنها الأفضل وعجلة التطوير فيها تسير بسرعة ملحوظة، والمأمول من باقي الوزارات والقطاعات الحكومية الأخرى، لأن كافة الإمكانيات متوفرة، فضلا عن أن معظم الوزارات والقطاعات يرأسها مسؤولون يحملون شهادات من جامعات الغرب المتقدم ومع ذلك لا يلحظ الناس لهم أثرا معقولا في القضاء على الروتين والانضمام إلى عالم الحكومة الإلكترونية، ولهذا فالأمير نايف ينبه، وكأنه يقول للجميع: المهم العقل والرغبة والطموح والإخلاص قبل الشهادة الدراسية. الأمر الثاني هو تساؤل سموه بدهشة عن المشاريع المتعثرة بسبب المقاولين والشركات المنفذة، حيث قال مستنكرا (كيف يكون هذا من شركاتنا، ثم لماذا الجهات المسؤولة لا تعلم عن كيفية التنفيذ ولمن ستسلم هذه المشاريع؟ وإذا كانت الشركات غير قادرة فلتبعد عن هذه المشاريع)، والحقيقة أن كلام الأمير في هذا الأمر أسعد الجميع ليس فقط من حيث أثره المستقبلي في إبعاد الشركات غير القادرة، وإنما لأن الذي يتحدث هو النائب الثاني ومعنى ذلك أنه لن يدع الأمر يمر مرور الكرام بل ستجد هذه المشاريع المتعثرة حلولا جذرية تبدأ من إعادة النظر في آلية ترسية المشاريع لدى وزارة المالية وطريقة إعداد مواصفات المشاريع ومرورا بآلية تأهيل المقاولين والشركات وانتهاء بالرقابة الصارمة على التنفيذ جودة وزمنا.
وقبل أن أختم أود الإشارة إلى كلمة جاءت في ختام كلمة الأمير نايف حيث قال (لست هنا في مكان المحاضر ولكنني في مكان المشارك) وسأترك لكم فرصة التأمل والتحليل واستجلاء المدلولات التي قالها نايف بن عبدالعزيز بصورة تلقائية وعفوية باعتبارها إحدى سجاياه الوطنية والإنسانية.