كانت مشاعر الخوف على ولدها تطغى في حديثها على الفرح، على الرغم من أنها كانت تروي بمشاعرها أكثر من كلماتها حكاية وصوله إلى منصة التتويج في أهم بطولة عالمية لفروسية قفز الحواجز بكل الفخر والسعادة.
ولم تتباهى والدة الفارس العالمي عبدالله الشربتلي بالإنجاز الرائع لولدها المتوج بفضية بطولة العالم لفردي قفز الحواجز التي اختتمت أول من أمس في كنتاكي الأمريكية، بل بدت متواضعة، وهي تفتتح حديثها بالتأكيد على أنها مثل كل الأمهات، قائلة "مثل كل أم كنت قلقة على ولدي.. وكعادتي كلما دخل المضمار لجولة تنافس أظل ساجدة لله مرددة استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه ولا أرفع رأسي حتى ينتهي من جولته".
لم تكن تلك مبالغة غير مبررة من والدة تخشى على ولدها، فعبدالله الذي قفز نحو القمة كان قد أصيب قبل نحو العامين بكسر في الحوض هدده بالشلل عقب سقوط جواده عليه أثناء بطولة لقفز الحواجز، حيث نقل إلى ألمانيا لتلقي العلاج وعاد من جديد ليهزم المخاوف والحواجز ويتألق بلقب عالمي.
وتشدد والدة عبدالله على أهمية المؤازرة التي تلقتها خلال مشاركة عبدالله في كنتاكي، وتقول "وقف معي كل أفراد الأسرة والأهل والأقارب، وبقيت صديقاتي معي في المنزل حتى انتهت البطولة، وهو ما خفف من توتري ورفع روحي المعنوية، وتلقيت كثيراً من الاتصالات من داخل وخارج المملكة تسأل عن عبدالله وتهنىء بإنجازه العريض.. وهذه فرصة لأن أقدم للجميع الشكر على مواقفهم الطيبة، والواقع أن هذا التعاطف جاء أيضاً من محبة الناس لعبدالله لأنه شخص محبوب وعفوي وطيب ومهذب وخجول وإن كان عصبيا قليلاً".
ولايبدو أن الوالدة المعجبة بابنها البطل قد اقتنعت بما أسبغته عليه من أوصاف الحب، إذ تسترسل بعد أن تلتقط أنفاسها وتطلق تنهيدة لتقول "عبدالله شاب متدين ويتقرب إلى الله بأعماله حتـى عندمـا كان طالباً في المدرسة كان يحرص على أداء صلاة الفجر في المسجد قبل ذهابه إليها.. وفي مدريد كان يصر على الصوم لمدة 18 ساعة أثناء التدريبات، وأذكر أنه ذات مرة وفي إحدى البطولات كان ينادى عليه لدخول جولة تنافس، لكنه تأخر ثم اكتشفوا أنه كان يؤدي الصلاة فاعتذروا له عبر المذيع الداخلي., ولقوة إيمانه بالله واتكاله عليه أصر على الاستمرار في ممارسة الفروسية حتى إن سؤاله الأول عقب إجرائه العملية الجراحية لحوضه الذي كسر قبل عامين كان ـ متى أعود إلى ركوب الخيل ـ ، وكان دوماً يردد "لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" وبهذا أقنعني شيئاً ما بالعودة وبقيت أدعو له أن يحقق الله آماله ويحفظه ويحميه".
وعن وصوله إلى هذه المرتبة العالمية، قالت "عبدالله شاب طموح وشجاع، كان حريصاً جداً على رفـع رأس كـل سعودي، وطالما تمنى تحقيق إنجاز ليثبت لشعوب العالم أن العـرب والمسلمين متفوقين.. حتى إن الاتحـاد الإنجليزي عرض عليه أن يتبنـاه كونـه من مواليد بريطانيا لكنـه رفض لأنـه أراد أن يصل إلى العالمية وهو يمثل العرب وأن يسجل الإنجاز باسم المملكة العربية السعودية، وكان دائمـا ً ما يردد "رفعت راية المملكة في أوروبا وسأرفعها في أمريكا".
وتتابع "كنت أتمنى أن ينتبه إلى دراسته وعمله الخاص إلا أن الاتحاد السعودي طلبه للمشاركة فلبى النداء".
وحول طموحاته المستقبلية، قالت "لديه اسطبل خيول لكنه لا يزال يتمنى أن يحقق حلمه الكبير وهو إنشاء مدرسة لتدريب الفروسية على مستوى عال، وأعتقد أن وفاة والده حينما كان عبدالله في الثالثة حد قليلاً من تحقيق هذه الأمنية، ربما كان يتمنى وجود أبيه بجانبه، فهو يريد أن يرى آلاف الفرسان وهم يتخرجون من مدرسته يمثلون وطنهم في المحافل الدولية، وآمل أن يحقق عبدالله المشروع في المستقبل لأنه شاب يريد أن يصنع النجاح لكل شخص يمثل بلده في رياضة الفروسية التي تجري في عروقه، وإن كنت في داخلي أرجو أن يتركها ويتفرغ لدراسته وأعماله خصوصاً بعدما وصل إلى العالمية".