لا يختلف اثنان على أن التفاعل مع الحدث أيا كان نوعه، واجب على جميع من يملك رؤية أو صوتا إعلاميا، يضيف من خلالهما بعدا جديدا أو على الأقل يكشف أبعاد هذا الحدث للمتلقي ليكون على بينة بالحقائق، وبالتالي تتشكل المواقف الاجتماعية والسياسية العامة بناء على قوة الرسالة الإعلامية أو الثقافية.
لكن في ساحتنا الثقافية والإعلامية نماذج يُخيل إليك وأنت تتابع طروحاتها، أنها تبني أفكارها على مبدأ "طبق اليوم"، حيث يمكن تصور أحدهم يتصل على سكرتيره الخاص، وهو يغالب النعاس، قائلا: شف لي "طبخة اليوم" ... أوووه .. أقصد أسخن موضوع في البلد اليوم.. وبالمرة إذا عندك وقت، اكتب لي مقالا "ساخنا" حوله وأعطني أراجعه قبل الإرسال...!!.
فلكي تكون (مثقفا/ كاتبا) مذكورا على كل لسان، ومدعوا لأي مناسبة خاصة أو عامة ـ حسب رؤية هؤلاء ـ ما عليك سوى أن تشارك في زفة تسخين (طبخة/ قضية) مجمدة في ثلاجات حفظ جيدة الإحكام، حتى يمكن الاستفادة منها ـ عند اللزوم ـ ولو بعد سنوات.
الواقع يقول إن حال بعض من يحمل صفة "مثقف وكاتب" تسير وراءه الركبان، يشبه حال المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم "شعبولا"، الذي كلما ذكرت إسرائيل. صاح "مهايطو" الإعلام أين أنت يا شعبولا..؟. أين أغانيك ورقصاتك الجديدة التي تهز بها "وسط" العدو؟. مع يقيني ـ بناء على لقاءات تلفزيونية شاهدتها له ـ أن هذا" الشعبولا" لو ُسئل عن موقع المكان ـ فلسطين ـ الذي تحتله إسرائيل على الخريطة لأشار إلى المحيط الهندي أو الهادي!!. وهي ذات المعلومات التي يمتلكها بعض من يستخدم قلمه "للمهايطة" على قضية لا يعرف عنها إلا بقدر ما يعرف "شعبولا" عن نظرية "صدام الحضارات".
هناك من يتساءل: لماذا ندور في حلقة مفرغة من القضايا الاستهلاكية التي مل من طرحها عامة المجتمع؟. ولماذا ابتلينا بكتاب ومثقفي "القص واللزق" الذي لا هم لهم إلا نسخ ما قاله "فلان" وما صرح به "علان" في سالف العصر والأوان، دون تقديم رؤية فكرية خاصة تحلل أسس المشكلات وتقدم الحلول العملية لها؟.
وأقول: تغطوا جيدا واقرؤوا قول الله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ". ثم اخلدوا للنوم، فهو "الخيار الاستراتيجي" في حالة كهذه.