يتابع الشاب ناصر، مع صديقه سلطان، مشهدا جنسيا قام بتحميله من أحد المواقع الإباحية خلسة، في ركن الاستراحة التي يتسامرون بها كل مساء، برفقة آخرين دون أي خجل، وبعد أن قرر الزواج، رفض أن يشتري كتابا يتعلم منه كيف يتعامل مع شريكة العمر، مقتنعا بأن ما شاهده في ذلك المقطع مع الرفاق، يكفيه! حيث يرى أن "العيب كل العيب" أن يتعلم الرجل كيف يتعامل مع الأنثى، بقراءة كتاب، أو المشاركة في دورة تثقيفية، في ازدواجية فاضحة في السلوك.

"الفحولة" التي جعلت البعض يعتقد أنه عن ألف رجل، دفعت آخرين للبحث عن صيدلية تخلو في بعض الأوقات من العملاء، للبحث عما يؤكد ذلك الإحساس الذكوري، من خلال شراء حبة "فياجرا"، فيما يضطر البعض إلى أن يذهب إلى أخصائي المسالك البولية، متلثما بشماغه، خوفا من أعين تتلصص عليه هنا وهناك.

ثقافة العيب

ليس عيبا أن تشترى كتابا أو تدخل على موقع على الإنترنت، أو تحضر دوارات مختصة، تساعدك على كيفيه التعامل مع شريكة العمر، وخصوصا من قبل فئة الشباب المقبلين على الزواج، حيث تساعد تلك النصائح – بحسب عدد من المختصين - على إعطاء نوع من الثقة بين الأزواج، وتزيد من روابط الزوجين واستقرارهما، في الوقت الذي أخذت نسبة الطلاق تتزايد خلال الآونة الأخيرة، وذلك نتيجة ضعف الوعي في الحياة الزوجية، وعدم معرفة البعض لكيفية تجاوز الصعوبات التي تواجهه، في هذه المرحلة.

تجارب ناجحة

ويروي عدد ممن خاضوا تجارب الاطلاع، على بعض الكتب التي تتحدث عن كيفية بناء علاقة زوجية ناجحة لـ "الوطن" عددا من تجاربهم. يقول جلال "اشتريت كتابا يشرح طريقة التعامل مع زوجتي، خاصة ليلة الدخلة، وطبقت أغلب النصائح الموجودة في ذلك الكتاب، سواء نصائح طبية أو سلوكية"، مؤكدا أن "النتيجة كانت رائعة"، حيث لديه الآن طفل من زوجته، التي تزوجها منذ ثلاث سنوات، ولم يحدث بينهما أي خلاف.

جلال يرى أن الحياة ومشاكلها "تتطلب أن يكون الإنسان متعلما في كل صنوف الحياة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة الزوجية، حتى لا تتأثر وتفشل في مهدها". ويقول محمد، وهو شاب متزوج قبل شهرين، إنه تلقى هدية زواجه من صديقه بالعمل، والذي قدم له كتابا يتحدث عن حقوق الزوج والزوجة، مشيرا إلى أنه طبق معظم ما ذهب إليه المؤلف، وهو يشعر الآن بأن حياته الزوجية، على خير ما يرام.

دورات تدريبية

ولمزيد من الوعي، طالب محمد بـ"وضع قانون ينص على ضرورة حضور المتزوجين، دورة قبل عقد النكاح، وأن يكون الشرط أساسي، مثل فحص الأمراض وغيرها، لما في ذلك من فائدة للجميع".

مزقت الكتاب!

أبو سلطان يروي هو الآخر تجربته، حيث إنه وبعد عشر سنوات، "وجدت كتابا يتطرق إلى العلاقة الزوجية، فاشتريته، وبعد أن شاهدته زوجتي مزقته، وطلبت عدم بقاء الكتاب في المنزل". مشيرا إلى أن زوجته تعتقد أنه يخطط لـ "زوجة" أخرى، في حال فشلها في تطبيق بعض النصائح الموجودة في الكتاب!.

وذهب أبو سلطان إلى أنه "مع تقدم الإنسان بالعمر، يقل نشاطه البدني، فيجب أن يستشير طبيبا، أو يتزود من الإنترنت، أو يقرأ كتابا متخصصا يساعده على تجاوز بعض الإشكالات التي تواجهه، وهذا ليس عيبا أو حراما، لأن الحياة تغيرت، وليست مثل السابق". وبين أبو سلطان أنه سبق أن ذهب إلى طبيب مسالك بولية، ووجد أن أغلب المراجعين يدخل عليه إما "متلثما بشماغه، أو يكون قريبا من الباب، خوفا من أن تناديه الممرضة باسمه أمام الآخرين!".

علمٌ ضائغ

أبو تركي، وجد ذات مرة لدى زوجته 10 كتب تتحدث عن العلاقة الزوجية، إلا أنها "لم تطبق منها ولا حرفا واحدا، رغم مرور خمس سنوات على زواجنا"، كما يقول، مشيرا إلى أن ذلك ربما يكون "لأنه لم تقدر قيمة تلك الكتب حق تقديرها، أو أنه بدافع الحياء، والذي يصل ببعض الزوجات إلى مشاكل كثيرة مع الزوج، والذي عادة ما يجب عليها أن تتحاور معه في كيفيه العلاقة الزوجية بينهما".

الأزواج الجدد

وللتقليل من المشكلات بين الزوجين، يرى بندر الجابري، ضرورة "انخراط المقبلين على الزواج، في دورات تتناول كل ما يخص الحياة الزوجية، كي يتمكنوا من خلال تلك الدورات تجاوز الصعوبات التي يواجهونها في حياتهم، والتي من شأنها أن تساهم في استقرارهم، حتى لا تنتهي -لا سمح الله- بانفصال، يذهب ضحيته الأطفال". الجابري أشار إلى أن "بعض الأزواج لا تزال زوجاتهم يعانين من رفضهم شراء بعض المستلزمات الخاصة بالحياة الزوجية، باعتبارها من العيب، ومن الأمور التي تخدش الحياء". مشيرا إلى "خوف البعض من التطرق إلى الجنس"، وأنه ذات مرة وجد "شايب" يكلم الصـيدلي بصوت خافت، وسلمه حبة منشطة جنسيا، وغادر الصيدلية وهو في نشوة الفرح!.

إقبال على الشراء

لكن ماذا عن مدى إقبال الناس على شراء كتب الثقافة "الجنسية"؟ يجيب البائع بمكتبة خاصة محمد طاهر، مبينا أن "الكتب الخاصة بالثقافة الجنسية والأسرة، لها نصيب كبير من الشراء من قبل الشباب والفتيات"، مشيرا إلى أن كتاب"تحفة العروس" له "نصيب كبير من الشراء. وهو يتضمن أسرار العلاقة الزوجية، وبعض النصائح التي تهم الزوجين"، معتبرا أنها "ثقافة جميلة، تلاقي طلبا كبيرا من قبل كثير من الشباب المقبلين على الزواج، ونسبة قليلة من فضوليين، تشغلهم عناوين الكتب، ويشترونها لكشف أسرارها".

وبين طاهر أن الفتيات يشترين تلك الكتب دون خجل، وكذلك كتب الأسرة التي تهتم بالطبخ والتجميل، واستقبال الضيوف وغيرها. وأضاف أنه "قبل فترة الإجازات الصيفية، يكثر الطلب بشكل يومي على تلك الكتب، والتي نوفر منها كميات كبيرة منها للعملاء".

تقليل المشكلات

الأخصائية النفسية بمستشفى "الصحة النفسية" بالمدينة المنورة، فاطمة حسين خرمي، رأت أن "حضور الدورات، عادة ما يقلل من نسبة الطلاق والمشاكل، التي تحدث كل يوم بين الأزواج، بسبب أسلوب التعامل الجاف في بعض الأحيان مع الزوجة ليلة الدخلة، وبعدها"، مشيرة إلى "وجود حالات كثيرة ساعدتها في تخطي تلك العقبة، التي عادة ما يتسبب بها زوج طامح، يريد أن ينهي كل شيء بسرعة، دون تفكير منطقي، لحالة الخوف التي تعتري تلك الزوجة المسكينة".

خرمي أبانت أن "الرجال يرفضون حضور الدورات التي تختص بالأسرة، وطرق التعامل مع الزوجة، وربما يرى البعض منهم أن في ذلك عيبا، أو ينقص من كرامتهم وفحولتهم"، معتبرة أن تلك الدورات "تسير بهم نحو حياة سعيدة في المستقبل مع زوجاتهم". إلا أنها أشارت إلى أن الفتيات "يحرصن على حضور الدورات أكثر من الرجال، لطبيعتهن الرومانسية والعاطفية، وكذلك حرصهن على الحياة الزوجية، والحفاظ على شريك العمر مدى الحياة".

خطر الأفلام الإباحية

وحذرت الخرمي من "مشاهدة الأفلام الإباحية، لما لها من أضرار نفسية وجسدية على مشاهديها، وأن أغلب تلك المشاهد غير واقعية"، خصوصا عندما "يحاول بعض الشباب تقليدها، فيما تذهب به إلى مشاكل كبيرة ووخيمة"، هذا فضلا عن "العواقب الضارة التي تنعكس سلبا على شريكة حياته".

جهد مشترك

"السعادة الزوجية ليست معطى ثابتاً، وإنما تزيد وتنقص حسب ما يبذله الزوجان من جهد لتحقيقها، ولذا فهي تحتاج إلى سعي دؤوب وجهد متواصل، ليس فقط لتحقيقها، بل والمحافظة عليها أيضاً"، هذا ما يراه مدير الخدمة الاجتماعية الطبية بصحة المدينة المنورة، محمد الشاماني، معتبرا أن ذلك ممكن من خلال "تنمية الوعي بوسائل ومهارات تحقيق السعادة الزوجية، والتي منها: الثقة، ولغة الحوار، وفن لعب الأدوار، والتوزيع العادل للمسؤولية". وهي في رأيه "لا يمكن اكتسابها من خلال الكتب أو الشبكة العنكبوتية فقط، وإنما عن طريق دورات وورش عمل متخصصة، تحت إشراف مؤسسة اجتماعية تعنى بأمور الزواج". مضيفا أن "وجود مؤسسات اجتماعية تعنى بالأسرة، خير مؤشر على ذلك، وإن كان هنالك عدم إقبال على مثل هذه الدورات والبرامج، فإنه نتيجة قصور ذاتية من المؤسسات التي تقدمها، وليس مؤشرا على عدم الرغبة في الالتحاق بها"، بحسب وجهة نظره. مشددا على أنه "تبقى المسؤولية على عاتق المؤسسات الاجتماعية المتخصصة في شؤون الأسرة، من حيث التركيز على نوعية البرامج التدريبية والتثقيفية المقدمة لهذه الفئة، من حيث المحتوى، والمدرب المختص، والزمان والمكان المناسبين".

دعمُ المتزوجين

نائب المدير التنفيذي لشؤون العلاقات العامة والإعلام العام، بجمعية "أسرتي"، بالمدينة المنورة، محمد آل رضا، أوضح لـ "الوطن" أن الجمعية "تقيم دورات كثيرة للمقبلين على الزواج من الجنسين"، مبينا أنه "تم إتمام أكثر من 1200 حالة زواج العام الماضي في المدينة، وحضر جميع العرسان الدورة التي يحاضر فيها نحو 23 مدربا ومدربة متخصصين، لتوضيح الصورة الجميلة والغاية النبيلة من الزواج، واستمرار الحياة بين الزوجين".

وأشار آل راضي إلى أن "نسبة الطلاق مرتفعة، وهذا مؤشر يولد نوعا من الخوف بين المجتمع، وأن الجمعية أخذت على عاتقها دراسة تلك الحالات ووضع الحلول المناسبة"، مؤكدا أن "الجمعية لديها الاستعداد لوضع الخطوات التي تخفف حالات الطلاق". مؤكدا على أن "الجمعية تهتم بكل ما يتعلق بالأسرة، سواء من قضايا طلاق أو عنوسة وغيرها".