بات لزاماً علينا تشجيع السياحة الداخلية، توافقاً مع الاهتمام الذي توليه الدولة ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والآثار لتأسيس صناعة سياحية رائدة، في الوقت الذي يتراجع فيه السفر إلى بعض الدول التي كانت تُعد وجهة سياحية لكثير من الأسر السعودية.

ومن المعروف عالمياً أن السياحة تُعد رافداً استراتيجياً في حقل الاقتصاد من حيث حجم العوائد الاستثمارية الوطنية للدول السياحية، فضلاً عما توفره- بالنسبة لنا هنا- من فرصٍ وظيفيةٍ دائمة، أو موسمية لبعض أبنائنا، إضافة إلى تعريف المواطن السعودي بما تزخر به بلاده من آثار- ربما- بعضها لم تطأه الأقدام بعد.

بيد أنني أخشى أن يكون مفهوم السياحة الداخلية عندنا ما يزال مقصوراً على زيارة المطاعم والأسواق ودور ملاهي الأطفال.. وبغض النظر عن هذا؛ فإنه لا بد من تضافر الجهود للوصول بالسياحة الداخلية إلى مستوى يحقق قدراً من الرضا، يدفع الأسر السعودية لقضاء عطلتها الصيفية داخل وطنها الحبيب.

ولتحقيق ذلك ينبغي أن نوفر- أولاً- إمكانية السفر الميسر لقطع المسافات الشاسعة بين مدن المملكة المتباعدة، في ظل عدم وجود شبكة من السكك الحديدية تربط بينها، وذلك عن طريق تأمين مقاعد على متن (ناقلنا الجوي العملاق الوحيد) ليمكنهم من السفر وقتما يشاؤون، وحيثما يقصدون، مع تقديم الأسعار المناسبة لشراء التذاكر لهم ولعائلاتهم، وكذا أسعار الإقامة في الفنادق والشقق المفروشة، لا أن نستغل حاجة المواطنين إلى السياحة في إشباع جشعنا في جمع الأموال، أو على الأقل نحرص على ألا ننكد عليهم متعتهم السياحية بالانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في مواقع سكنهم السياحي.

كذلك يجب أن نهيئ للسياح الأماكن الأثرية بشكل جاذب، وأن نوفر لهم عناوين وخرائط المواقع، لا أن نجعلهم تائهين يسألون من لا يعرف الإجابة، كما ينبغي توفير شبكة اتصالات هاتفية خاصة بتنقل سيارات الأجرة داخل المدينة، وألا نلاحقهم بعبارة ممنوع دخول العزاب، وأن نهيئ جميع المواقع السياحية والأثرية بما يتوافق وأوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة.

كل هذا لن يتحقق ما لم يكن المجتمع نفسه شريكاً في بناء المشروع السياحي الوطني، فتضافر الجهود يحول التراب إلى ذهب.