إذا كنت مواطنا خليجيا، وتحمل بطاقة هوية وطنية سارية المفعول، فإنه بات في مقدورك أن تتجول في معظم دول الخليج دون أن تحمل جواز سفر، فقد نجحت البطاقة أن تقلص الحدود بين الدول تحقيقا للمواطنة الخليجية وانسجاماً مع الأهداف التي قام على أساسها مجلس التعاون الخليجي.
ميدانيا، شهدت المنافذ البرية والجوية السعودية والكويتية أمس أولى خطوات تفعيل التنقل بين البلدين بالهوية الوطنية، وتصافح الشعبان الخليجيان عبر منفذي الخفجي السعودي والنويصيب الكويتي، دون أن يضطر أفرادهما للجواز.
لا جوازات بيننا.. لا أخضر، لا أزرق، لا أحمر، لا عنّابي.. لا شيء سوى تلك البطاقة الذكية الصغيرة التي يحملها المواطن الخليجي في بلاده. وبإمكانك كسعودي أن تذرع " , البحرين , قطر , عمان, الكويت " سفراً وترحالاً من دون حاجة إلى جواز ، أو وثيقة سفر، أو شيء من هذا القبيل.. كل هذه الدول أصبحت بلاداً واحدة تمهيداً لوحدة أشمل وأعمق.
هذا ما استكملته دول الخليج أمس الجمعة، بتنفيذ آخر اتفاقيات التنقل فيما بينها، بدخول المواطنين السعوديين والكويتيين، الدولتين بلا جوازات سفر، والاكتفاء بالبطاقة الوطنية.
ومنذ صباح أمس؛ كانت "الوطن" حاضرة في منفذ جوازات الخفجي السعودي المقابل لمنفذ النويصيب الكويتي، لترصد أول أيام التواصل السعودي الكويتي بلا جوازات. وكان المشهد معبّراً عن نفسه بأرتال من السيارات السعودية والكويتية المتنقلة على ضفتي الحد الفاصل بين الدولتين. صفوف طويلة من السيارات يشاهد مستقلّوها تضاؤل الحدود السياسية، واتساع عاطفة الأخوة الخليجية الحاضنة لكلّ المواطنين.
أول أسرة
عبد الأمير القطان.. مواطن كويتي. كان وأسرته أول أسرة كويتية تعبر الحدود بواسطة البطاقة من العائلات. استوقفته "الوطن" بعد إنهاء إجراءات العبور.. وبدا سعيداً ومرتاحاً. فقد تعوّد عبور الحدود حاملاً جوازات السفر، لكنّ الوضع تغيّر بدءاً من الجمعة.. يقول "خطوة جميلة وفرت علينا الكثير من الوقت.. ومنذ مدة وأنا أتابع وسائل الإعلام التي كررت الحديث عن تفعيل اتفاقية التنقل بين الكويت والسعودية.. وقد أتينا حاملين البطاقات ومعها جواز السفر تحسباً لأي طارئ.. وذهلت اليوم من هذه النقلة الجميلة بين الأشقاء الخليجيين، وهي تقربنا أكثر وأسأل الله التوفيق للبلدين وسائر البلدان الخليجية والعربية".
لا حاجة للجواز
ومن جهة أخرى يصف الكويتي محمد حسين الرشيدي تفعيل الاتفاقية بأنه "بادرة خير وليست مستغربة على البلدين وأسال العلي القدير أن يوحد صفوف الخليجيين ويجمعهم على الخير والسلام"..
أما فهد مشعيب المطيري فهو صاحب قصة تنقل طويلة تمتد لسنوات، إنه يعمل في الخفجي، ويأتي يومياً من الكويت إلى مقر عمله، حاملاً جواز سفره الذي يمتلئ بأختام تأشيرات العبور في مدة قصيرة، فيضطر إلى تجديده.. وهذا ما يكلفه رسوماً كثيرة بين مدة وأخرى.. ولكنه ـ بعد تفعيل التنقل الجديد ـ لن يُضطر إلى استخدام جواز سفره، ولا إلى حتى حمله.. البطاقة تكفيه مؤونة الأختام والتجديدات.. البطاقة تنقله من دولة إلى أخرى بسهولة.. ولذلك فهو يعبّر عن سعادته بشدة .. وقال "صار بإمكان الموطنين التنقل بين البلدين بكل طمأنينة، خاصة نحن بحكم عملنا في محافظة الخفجي".. والأهم من كل ذلك هو "الترابط الذي يربط السعودية والكويت".. إنه "ترابط أسري وكثيراً ما كنت أستبدل جواز السفر لكثرة الأختام أما اليوم فلا حاجة له بعد هذا القرار".
علاقات أخوية
المتحدث الرسمي للمديرية العامة للجوازات في المملكة المقدم بدر المالك اعتبر أمس الجمعة يوماً مهماً لصالح العلاقات الأخوية الخليجية واستكمال مراحل التواصل بين شعوب الدول. وأضاف في تصريحه لـ "الوطن" قائلاً "صار بإمكان مواطني المملكة العربية السعودية ومواطني دولة الكويت الشقيقة التنقل بالهوية الوطنية بدءاً من صباح اليوم (أمس الجمعة)، وفقا للضوابط الواردة بنظام وثائق السفر ولائحته التنفيذية.
ووصف المقدم المالك ذلك بأنه تتويج للعلاقات الأخوية القائمة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين، وأضاف أن القرار يأتي تنفيذا لأهداف وقرارات المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الداعية إلى تيسير وتسهيل إجراءات التنقل لمواطني دول المجلس عبر المنافذ الرسمية".
شروط البطاقة الذكية
من جهة أخرى تحدث وكيل وزارة الداخلية الكويتية المساعد لشؤون أمن المنافذ اللواء عبدا لله المهنا لـ" الوطن" فقال "تم اليوم تطبيق القرار في الموعد المحدد القاضي بتنقل الرعايا الكويتيين والسعوديين عبر البطاقة الذكية بين البلدين، دون استخدام جواز السفر.
وأوضح المهنا أن التنقل مشروع بالتنقل بالبطاقة الذكية فقطـ وأن تكون البطاقة سارية المفعول. وأضاف أن البطاقة مقتصر السفر بها على دول مجلس التعاون الخليجي فقط، مشدداً على ضرورة التقيد باستخدام البطاقة الذكية حين المغادرة على أن تكون العودة بها وفى حالة فقدان البطاقة يجب اتباع الإجراءات النظامية القانونية في البلد المفقودة فيه للحصول على شهادة تثبت ذلك.
اتفاقيات التنقل السعودية الخليجية
الدمام: عايد الأسلمي
كانت الاتفاقية السعودية العمانية هي أولى الاتفاقيات التي أبرمتها المملكة لتفعيل التنقل الحدودي بواسطة البطاقات الوطنية. وتمت الاتفاقية في 6/5/2006، بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وأتاحت الاتفاقية تنقل المواطنين بالبطاقة الشخصية بين البلدين كمرحلة تجريبية أولى لانطلاق استكمال حلقة تنقل مواطني دول المجلس بالبطاقة الشخصية لتسهيل إجراءات سفر المواطنين دون الحاجة إلى استخدام جواز السفر بين الدول الخليجية كافة، ودون اشتراط لسن معين للتنقل، مع الأخذ بعين الاعتبار استيفاء الضوابط الواردة بنظام وثائق السفر ولائحته التنفيذية.
السعودية والإمارات
وفي 14/4/1428 رعى مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، في مقر وزارة الداخلية مراسم التوقيع على البيان المشترك لآلية تنفيذ التنقل بالبطاقة الشخصية بين السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة عبر المنافذ الرسمية للبلدين الشقيقين، وذلك من خلال بطاقة الهوية الوطنية فقط، ذات الشريط الممغنط الذي يتضمن معلومات كاملة عن صاحب البطاقة تغني عن استخدام جواز السفر.
وكانت هذه الخطوة تمهيداً لخطوات مماثلة بين السعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي، تلتها خطوة ثانية مع مملكة البحرين بعد أن اتفق الطرفان السعودي والبحريني في وقت سابق على تنقل المواطنين دون الحاجة إلى تختيم الجوازات مراعاة لظروف مواطنين تربطهم مصلحة مستمرة تضطرهم إلى التنقل بشكل يومي بين البلدين كظروف الدراسة والتجارة وغيرها.
السعودية والبحرين
وفي عام 2007 تم توقيع اتفاقية تنقل مواطني السعودية والبحرين بالبطاقة الشخصية، لتكون البحرين الدولة الثالثة من دول الخليج بعد عمان والإمارات التي تسمح لمواطنيها بحرية التنقل من وإلى السعودية، وذلك بعد أن عقد وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز جلسة مباحثات مع وزير الداخلية البحريني الفريق ركن راشد بن عبدالله آل خليفة، في مقر قصر المؤتمرات بالعاصمة الرياض، جرى خلالها التوقيع على البيان المشترك لآلية تنفيذ التنقل ببطاقة الهوية الوطنية بين البلدين عبر المنافذ الرسمية للبلدين الشقيقين، واعتبرت تلك الاتفاقية تتويجا للعلاقات الأخوية بين السعودية والبحرين وحلقة مهمة في استكمال متطلبات السوق الخليجية المشتركة ولبنة تضاف إلى إنجازات العمل الخليجي المشترك، إذ أسهمت في تعميق المواطنة الخليجية وتسهيل تنقل المواطنين بين الدولتين وأدت إلى المزيد من التواصل الاجتماعي والثقافي بين مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
السعودية وقطر
وفيما يتعلق بدولة قطر فقد بدأ العمل بتطبيق الاتفاقية المبرمة بالتنقل بين المملكة ودولة قطر ببطاقة الهوية الوطنية، بعد توقيعها في 14/5/2008
السعودية والكويت
وفي 23/9/2010 وقع كل من النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ووزير الداخلية بدولة الكويت وسمو الشيخ جابر الخالد الصباح على البيان المشترك لآلية تنفيذ التنقل بالبطاقة الشخصية بين المملكة والكويت، في خطوة تشكل نقلة مهمة على صعيد تنقل مواطني البلدين بالبطاقة الشخصية دون الحاجة إلى استخدام جواز السفر، وتندرج في إطار تحقيق المواطنة الخليجية وصولاً للتكامل المنشود، وانسجاماً مع الأهداف السامية والغايات النبيلة التي قام على أساسها مجلس التعاون الخليجي.
شروط التنقل
ويشترط في التنقل للمواطن السعودي، حمل الهوية الوطنية الممغنطة، دون اشتراط استخراج جواز سفر سعودي مسبقاً، كما يجوز للمرأة السعودية متى ما كانت تحمل الهوية الوطنية الممغنطة، السفر بها دون الحاجة للجواز شريطة أن يكون خروجها بموافقة ولي أمرها، إلا أنه لا يمكن للمرافقين في بطاقة العائلة الجديدة والتي لا تحتوي على صور لهم، التنقل بها إلا لمن كان يحمل هوية وطنية مستقلة.
وبعد أن أصبح باستطاعة المواطن السعودي التنقل بين دول مجلس التعاون الخليجي بالهوية الوطنية، فإنه غير ملزم بالعودة إلى السعودية حتى يستطيع السفر إلى دولة خليجية أخرى.