كان السؤال قبل يومين: هل تحول المجتمع السعودي إلى مجتمع يسير وفق قاعدة: "نفسي نفسي"؟ وكان السؤال الثاني: هل أصبحت مسؤولية الأمن ملقاة على عاتق رجال الأمن وحدهم؟

غير أنني فوجئت بسيل هائل من الاحتجاجات، جعلتني أعيد توزيع المسؤولية على جميع الأطراف!

الكل يرفض التبليغ.. ليس لعدم استشعاره المسؤولية.. لكن لأنه لا أحد يريد "وجع راس" والدخول في "حوسة" ومعمعة قضية ليس له علاقة بها..

"من أنت.. ما هو اسمك.. ما علاقتك بالمصاب.. ما هو سجلك المدني".. وغير ذلك من أسئلة أصبحت عائقا وحائلا بين أي مواطن يود أن يستشعر دوره الأمني بصفته "رجل الأمن الأول" كما يقال له دوماً..

قبل فترة أقرت وزارة الشؤون الإسلامية حافزا مهما يتم بموجبه منح مكافأة عالية لمن يبلغ عن الأوقاف المجهولة، والغاية هي حفظ حق الموتى الذين قاموا بالوقف كي تستمر أوقافهم وفقا لشروطهم..

السؤال الآن: هؤلاء الذين يبلغون عن المخالفات الأمنية أو المرورية أو الحوادث المختلفة، أليس من حقهم، أن يتم تقديم الشكر لهم، فإن لم يتحقق ذلك فعلى الأقل يتم إخلاء مسؤوليتهم بمجرد التبليغ وانتهاء المكالمة..

نعم أتفق مع مساءلة المبلّغ فيما لو كان البلاغ كاذباً، أو مغرضاً، أو كيدياً، لكن طالما أن الجهة الأمنية استلمت البلاغ هاتفيا وتأكدت منه على أرض الواقع.. فما المبرر لجمع كل هذه المعلومات عن الشخص، أو معاودة الاتصال به؟

مواقع الصحف وتعليقات القراء ومواقع التواصل الاجتماعي، كلها مؤشرات تكشف لنا بوضوح عزوف الكثير من الناس عن التبليغ عما يشاهدونه أمامهم من مخالفات، بحجة المتاعب التي قد يجدونها فيما بعد..

بطبيعة الحال ما زلت على قناعتي أن المواطن الذي لا يبلّغ عن الجريمة أو المخالفة مواطن سلبي.. مهما كانت المبررات التي يحاول أن يقنعنا بها.. ومهما كانت المعاملة التي يجدها من الجهة المقابلة، سلبية.