لا يمكن لأوصاف ـ المخجل المعيب ـ أن تصف منظر مئات الشباب وهم يترززون على أطراف الطرق المؤدية إلى المتنزهات السياحية وهم يتعالون بأصواتهم النشاز وكأنهم في حراج بهائمي على آلاف الأسر والعوائل والنساء الذين يعبرون الطريق. هؤلاء الشباب لا يستعرضون صورتهم المشوهة بل يشوهون كل جماليات الموسم السياحي وينسفون كل الجهد الوطني لتشجيع السياحة الداخلية. هؤلاء المتلصصون على محارم الناس وأعراضهم وشرفهم لا يختلفون كثيرا عن قطاع الطرق، وهؤلاء لا يعكسون صورة مشوهة عن أنفسهم فحسب، بل عن أسرهم، التي تبرهن على تربية مختلة ومشوهة فماذا سيقول آلاف الآباء عن أبناء مثل هؤلاء وقد تركوا لهم ـ الحبل على الرقبة ـ ونحن ندرك ماذا تعني هذه الرقبة؟ لماذا لا يدرك هؤلاء الشباب أن لهم في أسرهم وبيوتهم ذات الحصة والنصيب من النساء ومن يدري فلربما أن محارمهم الخاصة من ضمن عابري الطريق.؟

يختار العاقل خيار السياحة الخارجية على الأقل لأنه لا يشاهد هذه المناظر المقززة على أطراف الطريق. لا يسمع كلمة ـ نابية ـ تنتهك حرمة امرأة شريفة فكيف يتحمل المرء السوي وقع هذه الكلمة إن كانت تتردد على ألسنة هؤلاء لكيلومترات طويلة؟ لا يشعر السائح في أرض الله الواسعة أن محارمه تحت سياط الألسنة والعيون، وحتى في أكثر المجتمعات تفسخاً وانحلالاً لن تجد هذا الانتهاك الصارخ لأعراض الناس وشرفهم. في أرض الله الواسعة لن يسمح القانون بكلمة واحدة من هذه البذاءة التي تتردد بيننا بآلاف الكلمات، وفي أرض الله الواسعة لن تجد عشر منظر تتحول فيه العائلة إلى فريسة لعيون هؤلاء أو قواميس لغتهم الساقطة. في أرض الله الواسعة تشعر بالكرامة المكتملة وتذهب لكل مكان بثلاجة من الأعصاب وهنا يحيل هؤلاء المعاقون فكريا وثقافيا أي نزهة قصيرة إلى كابوس. مع مثل هذه الصور تشعر أن الإجازة معركة رخيصة. في أرض الله الواسعة تستطيع ـ الشريفة ـ أن تلبس حجابها كاملاً وأن تعبر به الأيام والأماكن والطوابير دون أن تشعر أنها فريسة في غابة من الوحوش ودون أن تظن أنها عارية في سيرك مثلما يبرهن هؤلاء على ناصية كل طريق ومدخل ومتنزه وسوق وحديقة.