إلى أصحاب نظرية أنت المتحكم الوحيد في حياتك، ووضعك هو انعكاس لتفكيرك، وبالتالي يمكنك فعل المعجزات، أقول لهم في عالمنا العربي راجعوا نظرياتكم! فقد تشاء الأقدار أن يولد الطفل في مجتمع؛ الرجل له السلطة الاجتماعية المطلقة، فلا يسجله في الدوائر الرسمية، ليكبر الطفل دون أوراق تثبت هويته، ويحرم من تسجيل وجوده في الدنيا، فلا تعليم ولا خدمات صحية ولا حماية وكأنه مجرد شبح. وقد تشاء الأقدار أن يولد الفرد في بلدان تعاني من فقر مدقع، وأوضاع أمنية مضطربة، واستبداد سياسي مخيف يجعل مجرد البوح بالحقوق الضائعة يعني المعتقل، فكيف نقول لمثل هؤلاء أنتم المتحكمون الوحيدون في حياتكم؟ ما هي طريقة التفكير الإيجابي التي قد تنعكس على امرأة متزوجة من رجل مريض نفسيا وعنيف يذيقها وأطفالها ألوان العذاب وليس لهم معيل غيره، بحيث تتخلص من سلطته وتحمي أبناءها وتحصل على منزل يؤويها ووظيفة تكفيها؟ وحتى إذا أراد الفرد العمل بالآية "ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها"، سيجد أن أرض الله الواسعة قد تقاسمها البشر ورسموا حدودها، والهجرة مستحيلة إذا لم تحمل هوية يصدرها لك أبوك وقد تحمل هوية لكن العالم لا يستقبل المحتاجين والفقراء وضحايا الحروب.
في مثل هذه الحالات أتمنى أن أعرف كيف يمكن التحكم بمجريات الحياة؟ إن يقين أصحاب هذه النظريات ليس منبعه صحتها المطلقة، بل ينبع من أنها ولدت في العالم الغربي، حيث المستوى العالي من العدالة الاجتماعية في توزيع الفرص والموارد. حيث النظام الذي يحمي الناس من بعضهم البعض فلا أب يطغى على أطفاله، ولا امرأة تعجز عن حماية نفسها أو تضار في أطفالها، ولا مؤسسة تتسلط على عملائها بكل صلافة متجاهلة سلطة المواطن، ولن يعمل إنسان بجد دون أن يجني ثمرة عمله.
أخيرا لا أنكر أن تفكيرنا قد يسبب لنا النجاح أو الفشل ولكني ضد الأحلام الهوليوودية التي تتجاهل المعوقات الحقيقية التي تجعل الإنسان مسكينا لا حول له ولا قوة، وضد بيع مفاهيم المرفهين.
نحن بأمس الحاجة للحراك الاجتماعي لمساعدة هؤلاء البشر ممن تحكمت في مصائرهم أمور فوق طاقتهم بدلا من الترويج لأفكار لا مفعول لها دون أساس من العدالة اجتماعية.