قبل عشرين سنة حضرت ندوة وعظية أتذكر منها سؤال أحد الفتيان للشيخ الواعظ، يقول "أحبك في الله يا فضيلة الشيخ، لو قابلت علمانيا في الشارع كيف أعرف أنه علماني؟".

صاحبي البراق الحازمي له 17 أخا، ولم يتبادل الحديث مع بعض أبناء إخوانه من يوم ولدوا حتى صاروا شبابا، قال لي إنه التقى مؤخرا بأحدهم فسأله الفتى: يا عم يقولون إنك ليبرالي، صحيح؟ استعاد البراق السؤال فردّ الفتى: يقولون لديك أفكار ليبرالية وأصحاب ليبراليون، صحيح؟. أخبرني البراق أنه حار في الجواب وسكت.

عشرون عاما بين السؤالين ولم يتغير شيء.

تدور في حواراتنا تصنيفات "علماني، متشدد، أصولي، تغريبي، ليبرالي" والواقع أننا لا نقصد معانيها الأصلية لأننا غالبا لا نعرفها، وإنما نمرر تحتها ما لو قلناه صراحة لتعرضنا للمحاكمة والجلد. فمتشدد ومتطرف وأصولي هي بدل المارق الإرهابي التكفيري المنتمي للقاعدة. أما ليبرالي وعلماني وتغريبي فهي بدل المنافق الكافر العميل الخائن.

وتحت هذه التصنيفات يدس الخصم لخصمه تهمة الإضرار بالوطن إما بتفجيره وإما بخيانته، بينما قال رأس الهرم فينا عبدالله بن عبدالعزيز: "أصارحكم القول إنني أرى أنه لا يتناسب مع قواعد الشريعة السمحة ولا مع متطلبات الوحدة الوطنية أن يقوم البعض بجهل أو بسوء نية بتقسيم المواطنين إلى تصنيفات ما أنزل الله بها من سلطان فهذا علماني وهذا ليبرالي وهذا منافق وهذا إسلامي متطرف وغيرها من التسميات.. لا نشك في عقيدة أحد أو وطنيته حتى يثبت بالدليل القاطع أن هناك ما يدعو للشك لا سمح الله.

إنني أطلب من المواطنين كافة وطلبة العلم والصحفيين والكتاب خاصة أن يترفعوا عن هذه الممارسات وأن يتذكروا قوله عز وجل : (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون).