حددت الاستراتيجية الوطنية للتنمية الثقافية، والصادرة قبل 8 سنوات، مجموعة من المبادئ والمنطلقات، من خلال المفهوم الواسع لمعنى الثقافة ومحتواها الفكري والسلوكي، حيث أكدت على إشراك المرأة في العمل الثقافي والإفادة من إسهاماتها في المؤسسات الثقافية، والاهتمام بها مبدعة وباحثة ومتلقية، وتهيئة فرص العمل لها بصورة مساوية للرجل، وهنا مربط الفرس والجمل أيضا. فالاستراتيجية بكل حضورها ومكنوناتها وتشوفاتها لم تصل إلى المدى الأوسع الذي حققته المرأة في شهرنا هذا وفي عامنا هذا، فاستقراء الاستراتيجية الصادرة من وزارة الثقافة والإعلام وفي خطابها الاشتغالي لم يكن يدور بذهنيتها ولا لحظتها التاريخية، أن الذوات الأنثوية سوف يتربعن داخل مجالس الأندية الأدبية، حيث نصت الاستراتيجية على: " إنشاء أندية خاصة للمرأة وهذا ليس بالحل المناسب إذ سيتأكد انعزال المرأة ولن يكون هناك تفاعل متبادل، يؤدي إلى نهضة الأدب، أن يتم نشاط المرأة ضمن الأندية الأدبية من خلال لجنة نسائية في كل ناد تعاون مجلس الإدارة في التخطيط لمشاركتها، وتشرف على التنفيذ والمتابعة أو قاعة نسائية متكاملة وبمداخل خاصة مع إنشاء مجلس خاص بالشؤون الثقافية للمرأة يلحق بوزارة الثقافة والإعلام ويتكون من بعض السيدات، وممثلي الوزارات المعنية بالتعليم والثقافة ويرأسه وزير الثقافة أو من يفوضه، إسناد أدوار قيادية للمرأة وذلك بتأسيس منابر ثقافية نسائية وأندية فكرية واجتماعية تديرها النساء، ويفتح فيها المجال لانتخابات حرة بين صفوف المثقفات، قيام مؤسسات ثقافية نسائية مستقلة مادياً وإدارياً تتولاها النساء، مع إقامة مراكز ثقافية نسائية مستقلة في المدن والقرى تهدف إلى تنمية النشاط المعرفي والثقافي وإثرائه من كافة النواحي" إذاً لم يكن يدور في ذهن واضعي الاستراتيجية الوطنية للتنمية الثقافية عام 1426هـ أن المرأة سوف تتجاوز كل هذه الطروحات والإغراءات الأنثوية وتطرد طوال الشوارب من الأندية الأدبية، وتخطف نصف مقاعدها، وتنتصر على رطانة الاستراتيجية واسترجاعها، وتجعلنا في حيرة عن تفسير حدوث ذلك الاختراق، ومعرفة خارطة الطريق التي أوصلتهن إلى كراسينا، وما هو حالنا تحت ضغط وممارسة القمع النسائي، بعد أن مارسنا سلطتنا الذكورية زمناً ليس بالقصير. إنه مأزق تاريخي لذا علينا استنهاض طاقاتنا، والمطالبة بتأسيس أندية أدبية رجالية محضة بعد أن كُسرنا في ساحة التغالب والمواجهة، وتسيدت المرأة وتسربت كما قطرة الندى تتسرب إلى تلك المؤسسات. ولذا فنحن لا نملك إلا الدعاء بأن تفشل تجربتهن، وأن تبوء تعالياتهن وحضورهن بالانهيار لنستعيد سلطة الوعي وسلطة التدليل الذي كنا نحظى به في الزمن الأخضر، وذلك بعد الإفاقة من تأثير الصدمة الساخطة، وغلبة الشعور القهري، والنواح على اللبن المسكوب والكرسي المنهوب.