قام أمير منطقة الجوف الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز يرافقه وكيل الإمارة المساعد للشؤون الأمنية عبدالرحمن بن نجم البادي بزيارة عزاء ومواساة لأسرة الدكتور عارف مفضي المسعر الذي وافته المنية ظهر أمس في طائرة الإخلاء الطبي وهي متوجهة للعاصمة الرياض وأعيد جثمانه لمنطقة الجوف وصلي عليه بجامع السبيعي ودفن في مقبرة اللقائط.

وشَيّع جثمان الأديب ورجل التربية والتعليم وأحد رجالات المنطقة الدكتور عارف المسعر آلاف المواطنين يتقدمهم مسؤولو المنطقة وأعيانها ورجالات الأدب والثقافة.

يذكر أن الراحل بدأ حياته مدرسا في مجال التربية والتعليم، ثم رئيسا لقسم الأرشيف في إدارة النشر والشؤون العامة في وزارة المعارف ـ آنذاك ـ عام 1385هـ، ثم رئيس قسم العقود بوزارة المعارف، ثم مديرا عاما لتعليم الجوف عام 1393هـ، وقد أكمل تعليمه وحصل على الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها من جامعة عين شمس عام 1984، إضافة إلى أنشطته كأمين عام لجمعية البر الخيرية، وعضوية مجلس إدارة جمعية الناشرين السعوديين، المجلس الثقافي في دار الجوف للعلوم، ونائب رئيس لجنة رعاية المعوقين في الجوف، ورئيس لجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم في المنطقة، إضافة إلى إسهاماته ومشاركاته في الندوات والفعاليات الثقافية، وبعد سنوات طويلة من الخدمة في الحقل التربوي انتقل إلى إمارة منطقة الجوف، وتدرج في الأعمال الإدارية حتى تقاعد وهو في منصب أمين عام مجلس المنطقة.

يقول نائب وزير العمل الدكتور عبدالواحد الحميد "إن الراحل خدم منطقته وبلاده على مدى سنوات طويلة، فهو أحد الذين دخلوا سلك الوظيفة في سن مبكرة عندما كان المركز الوظيفي المرموق لا يتطلب أكثر من الشهادة الابتدائية، أو حتى أقل من ذلك". وزاد الحميد ـ الذي يعد أحد طلاب الراحل ـ "كان الراحل وديعا، ومعلما لا تمل حصته".

ويقول رئيس جمعية الثقافة والفنون بالجوف الدكتور نواف الراشد "المسعر من الرجال الأعلام في الجوف يعرفه الصغير والكبير، وهو المعلم والمربي ورائد التعليم، وأول أمين عام لمجلس المنطقة، درس همومها واحتياجاتها وقدمها لولاة الأمر، وهمه الأول الجوف وأبناؤها, إن له أيادي بيضاء على الكثير من الأسر والأشخاص.. كان يعمل ويعطي بلا منّة، كان التواضع تاجاً له, وأظن أنه خلال الأربعين سنة الماضية لا يوجد لجنة تعنى بشؤون الجوف إلا وكان أحد أركانها, فقد عمل مسوؤلاً رفيعا بالجوف لأكثر من ثلاثين سنة ولكنه كان يحب الجميع وكان على مسافة واحدة من جميع أطياف الجوف.

مساعد مدير تعليم بنات الجوف نايف الصلهام يقول "فقدت منطقة الجوف علما من أعلامها ورمزا من رموز ثقافتها، عين معلما قبل أن يبلغ سن الرشد لما يتمتع به من ذكاء وعلم ومعرفة، حفظ القرآن في صغره واصل تعليمه حتى حصل على أعلى الشهادات، قاد مسيرة التربية والتعليم عقودا من الزمن فعرفه الصغير والكبير، عرفه الطالب قبل المعلم، اكتسبنا منه حسن التعامل وفن الإدارة، له في كل مكان محفل وله في كل منشط ثقافي ذكر.

ويضيف الأديب ثامر المحيسن عن الراحل: كان إنسانا متسامحا هينا لينا لا تمل جلسته وأحاديثه، إن حدثك في النحو وجدته بحرا، وإن حدثك في الأدب فنعم الناقد والمحلل.. إنه السهل الممتنع , قبل وفاته رحمه الله بثلاثة أيام زرته في المستشفى مع بعض الأصدقاء وحاولنا نقله لجو آخر عن مرضه ومعاناته، إلا أننا فوجئنا أننا أمام جبل أشم لا تقهره منايا الزمن كان يخفف من قلقنا فقال رحمه الله "اطمئنوا أنا بخير الأطباء دائما كثيرو الحرص".

ويتابع المحيسن "رأينا الإيمان سلوكا في ذلك الشهم.. لم تمهله المنية وفاضت روحه وهو في طائرة الإخلاء الطبي. كان رحمه الله نموذجا للإنسان العصامي المكافح الذي لم يعرف اليأس ـ قط ـ طريقا إليه فشق سبيل الحياة بإيمان قوي بالله وعزيمة وطموح. بدأ مشواره الوظيفي معلما بعد المرحلة الابتدائية لكن دون أن يفوت على نفسه أي فرصة للتطوير والتقدم فنهل من ضروب المعرفة واستزاد من تحصيله العلمي فتدرج في السلم العلمي والوظيفي إلى أن نال الدكتوراه وأصبح مديرا عاما للتربية والتعليم في الجوف ثم أمينا عاما لمجلس منطقة الجوف، وبعد تقاعده ترأس الكثير من المؤسسات الخيرية والأعمال الخيرية، وكان رحمه الله فارسا من فرسان المحافل التربوية والاجتماعية.