هل الثورة المصرية بدأت تأكل نفسها؟ هذا هو السؤال المؤلم والحاد والجاد للمشاهد المصري والعربي أمام ما يشاهده من القنوات المصرية الفضائية سواء الخاصة أوالحكومية..

ما تبثه القنوات الإخبارية أولاً عن أحداث الشارع المصري، وتجاذبات ما يحصل على الأرض يقول إن ما يحصل في ثرثرة الفضاء منفصل عن الأرض ومتصل به، فمصر الفضاء ساهمت في تأزيم مصر الأرض ولكنها لا تشبهها، ففي الفضائيات المصرية برامج حوارية ساخطة هي برامج (التوك شو) كالعاشرة مساء بقناة دريم، وناس بوك بمصرية هالة سرحان، و90 دقيقة بقناة المحور، وعلى غرار ذلك الكثير من هذه البرامج التي هي عبارة عن مذيع نجم وضيوف هدفهم أن يصبحوا نجوم المذيع!

لا يوجد في هذه البرامج سوى الحرص على ديمومة استمرار الحالة الثورية الهائجة التي لا تكل ولا تهدأ ولا تتثاءب، لأن استمرار هذه الحالة بهذا الشكل يعني استمرار هذه البرامج في زخمها الثوري، من باب الحرص على إقامة سلطة فضائية خامسة!

في برامج التوك شو قتال حقيقي على دور المحاماة ما بين المذيعين والمثقفين والفنانين وغيرهم من ضيوف هذه البرامج عن الثورة، وعن دور الوصاية، وادعاء ملك الأسرار، وأسرار الفضائح والأرقام الفلكية عن الثروات المنهوبة والموجودة.

سيول كثيرة من الكلام سالت واتحدت وجرت في ساقية واحدة اسمها (الثورة والثورة المضادة)!

مصر الأرض هي ملايين البشر، تسعى كل لحظة لرزقها، وتكدح وتنتظر الفرج وهي تطالع مصر الفضاء ولا تأخذ غير التوتر والكلام المر.

مصر الأرض تسعى كل لحظة للأمل والحياة والأمن والتعايش، ومصر الفضاء ثرثرة ترصدها لاقطات الفضاء من أستديوهات الأرض المصرية ونسمعها ونعجب.

ومن أعجب ما يقال ـ والذي لا يغير من بؤس الواقع شيئاً يُذكر ـ كرهنا نحن السعوديين والخليجيين للثورة المصرية، واعتبارنا من داعمي الثورة المضادة مع أطراف أخرى خارجية!

الحقيقة أن الضحك والأسف هنا سيد الموقف، فلقد رأينا ثورة نجحت في إسقاط النظام السابق، ونرى ببرامج التوك شو اختراعا اسمه الثورة المضادة كي تظل الثورة ثائرة مقدسة كنظرة جيفارا.

ثرثرة لا تريد (نظام).. لا تريد لمصر الأرض أن تفهم مصر الفضاء وتعود الحياة..