موافقون موافقون، ولكن بشرط أن يكون تطبيقنا الشامل للنظام وساهرنا وشوارعنا مثلهم، هكذا قلت إجابة على سؤال العميد عبدالرحمن المقبل مدير مرور منطقة الرياض الذي قرأته في ("الوطن" يوم الثلاثاء قبل الماضي) حيث وجه سؤالا للصحفيين يقول فيه: ما رأيكم في المخالفة التي طبقتها دبي بمبلغ خمسة وعشرين ألفا على إحدى السيارات لعدم وجود لوحة؟

العميد المقبل ومعه الإدارة العامة للمرور وفروعها بالمملكة يعرفون قطعا أن النظام المروري في دبي (يقص المسمار) لكن هناك لا أحد يستطيع أن يحتج أو يتذمر، بل إن الجميع راضون بما يقرره النظام الذي يمارس دوره علنا وبصورة منظمة واضحة يعرفها كل من يمسك بمقود مركبة، فالكاميرات في كل مكان بارزة للعيان، والشوارع والطرقات مُهيأة ومُخططة بصورة مريحة ودقيقة وواضحة، واللوحات الإرشادية متكاملة وواضحة ومتوازنة خاصة تلك التي تُحدد السرعة وتوضح المسارات والاتجاهات وأماكن الوقوف ونحوها فلا تجد لوحة تناقض الأخرى، ولا تجد كاميرا مُخبأة بين الشجر أو المنعطفات لمفاجأة العابرين واصطيادهم – كما تفعل كاميرات ساهرنا-، ولهذا فالمقارنة بيننا وبينهم مُنتفية من أصلها ولا يصح أن نُقارن وضعا كالذي نعيشه ما زال في طور التجربة ويتعرض للمحاولة والخطأ، وشوارعنا ولوحاتنا الإرشادية غير مؤهلة بالكامل، بوضع مكتمل ومُستقر عندهم وليس مثار نقاش ناهيك عن التذمر أو الاحتجاج.

لقد كنت وما زلت من المؤيدين والداعمين بل والسعداء بتطبيق نظام مروري صارم، وسبق أن طالبت أن تكون عقوبة قطع الإشارة – مثلا – عشرة آلاف ريال وفي هذه النقطة أو المخالفة بالذات ما زلت عند رأيي ومطالبتي لأن الجريمة فيها واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، أما بقية تطبيقات (ساهر) الحالية فإن (لك عليها)، فقد لاحظت بنفسي في شوارع كثيرة في جدة وفي المنطقة الشرقية أن (ساهر) يصطاد المسرعين فقط، لكن أصحاب المخالفات الأخرى – وهي لا تقل خطرا عن السرعة – لا يصطادهم، ولاحظت أن كاميرات ساهر تختار أماكن تتخبأ فيها إما على رأس مُنعطف أو بين الشجر، ولا أدري لماذا هذا التخفي، أما سوء حال تخطيط الشوارع وغياب أو تناقض اللوحات المرورية الإرشادية فحدث ولا حرج، وعلى كل فالملاحظ أن المرور ورجاله وساهر معهم حتى الآن لا تعنيهم المخالفات المرورية الأخرى، فهم باستثناء السرعة لا يعاقبون على شيء غيرها، هذا عدا أن رجال المرور غابوا بعد ساهر الذي مازال محدودا حتى الآن وسياراته تتنقل وتغير أمكنتها السرية حسب المزاج، وأي صاحب سيارة في أي مدينة سيلاحظ أن غياب رجال المرور من الشوارع واضح، وإن حضر قليل منهم فلا يفعلون شيئا، فهناك من يتعمد الوقوف في يمين الطريق عند إشارات المرور، وهناك من يقف في أماكن يمنع فيها الوقوف، وهناك من (يُساقط) في الشوارع داخل المدن وفي الطرق السريعة، وهناك من يدور من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والعكس، وهناك... وهناك... وكل هؤلاء يمارسون مخالفاتهم بصورة مستمرة ومنتظمة وهم مُطمئنون، فلا رجال المرور موجودون وإن وجدوا فلا يزيدون عن صرخة بميكرفون السيارة أو الفرجة، ولا ساهر الذي كما هو واضح لا هم له ولا دور سوى تسجيل السرعة فقط.

ومرة أخرى وعاشرة أؤكد أنني مع صرامة النظام، ومن يحتج على هذه الصرامة نقل له ببساطة (لا تخالف تسلم)، لكنني وبصراحة وموضوعية لا بد أن أقول إن حال النظام المروري في بلادنا مؤسف ومؤلم ومحزن، وأشعر أنني يوميا أحتاج لأعصاب من الفولاذ لأتحرك بسيارتي في شوارع جدة أو الدمام من كثرة المخالفات المستفزة والمعطلة للناس، والمُحفزة في نفس الوقت لارتكاب المخالفات والأخطاء حتى تنفذ بجلد سيارتك من بعض التقاطعات والشوارع والدوارات، حيث لا يوجد أدنى التزام بالنظام ولا أدنى احترام لمشاعر الآخرين، ولهذا كله أقول للعميد المقبل ولزملائه في كافة المناطق إننا مع النظام ومع ساهر ولكن أين النظام وأين ساهر؟ ارحمونا وارحموا أنفسكم من المقارنات التي تضيف استفزازا إلى الاستفزاز الذي تسببه فوضى الشوارع القاتلة!