ما نعرفه أن تاريخ الأندية الرياضية كل لا يتجزأ, وأنه مسار ممتد من التأسيس إلى ما لا نهاية, تلحقه مراحل تطوير وتحديث كما هي سنة الحياة في كل شيء, وتمر به حالات تميز وحالات تراجع في النتائج والمستويات التي تقدمها الفرق في الميادين الرياضية من خلال الألعاب المعتمدة في هذا النادي أو ذاك.
وهذا منطق لا يخفى على أي متابع أو راصد لأحوال الأندية المحلية أو العربية أو الدولية،
لكن ما نلحظه في العقدين الأخيرين في الرياضة السعودية تحديداً شيء يدعو للتوقف والدرس والتمحيص لواقع استجد ويخالف الأعراف والتقاليد الرياضية حيال شعارات الأندية.
فقد شاهدنا مثلا نادي الرياض (درجة أولى) من أوائل أندية الوسطى التي سعت إلى تغيير شبه جذري في الشعار إبان حقبة إدارة عبدالرحمن المفيريج, ولحقه كذلك خطوة في إدارات أخرى, وكل هذه الخطوات لم تنظر إلى الجوهر بقدر ما نظرت إلى المظهر, ولم تستفد من تجارب متخصصين في هذا المجال من الخارج تحديداً لكونهم أكثر نضجاً في هذه التجارب, ويحسنون صنعاً في قراءة التاريخ قبل تصميم الشعار فيكون المنتج النهائي للشعار امتدادا للتاريخ ولا يشوهه, ولا يغيب في ذات الوقت عن العصرنة والتطوير الذي ترفعه أي إدارة تقدم على اتخاذ قرار بهذا الحجم.
بعد نادي الرياض رأينا بقية أندية الرياض وهي الشباب والنصر والهلال – بحسب التأسيس – تسلك نفس الخطوة التي سنتها إدارات نادي الرياض وأقدمت عليها, ونجد أن محصلة هذه التغييرات لم ترق إلى المأمول منها, وكذا لم تلق ذلك الترحيب المتوقع من الإعلام الرياضي أولاً، ومن منسوبي النادي ثانياً كونه قد مُسّ وعُبِثَ بتاريخ النادي من خلال واجهة يمثلها دوماً الشعار.
وآخر التجارب أو لنقل العبث في شعارات الأندية الرياضية هو تدشين نادي النصر السعودي أخيراً ما يزعمون أنه شعار جديد للنادي, وهي كخطوة مشروعة ولا ريب, بيد أن الأسلوب وآلية تنفيذ تغيير الشعار من القديم إلى الجديد هي آلية تعتمد على فكرة اقتباس لا تليق بناد عريق وكيان كبير كالنصر, إذ كان حريا بإدارة الأمير المجتهد فيصل بن تركي بن ناصر أن تلجأ إلى خطوة عصرية تواكب مكانة وتاريخ النادي بامتداده، وذلك بأن تقوم بطرح فكرة تغيير الشعار على الجهات المتخصصة في هذا المجال سواء داخل المملكة أو خارجها, كأن يطرح كمشروع فكري وفني وإبداعي عبر وسائل الإعلام المتعددة وبصورة تضمن التوصل إلى شعار عصري يليق بالنادي ويضيف لمسات جمالية وعمقا كبيرا للشعار سواء لمشجع النادي أو للمتلقي من داخل السعودية أو خارجها.
وأجزم أن كثيرين يودون مثل هذه الفرصة ليضعوا بصمتهم الفنية والإبداع في شعار يتردد أمامهم لسنوات وسنوات، لكن الذي خرج من رحم فكر إدارة نادي النصر مجرد مسخ سمّي شعارا، وإلا فبماذا نفسر شبه تطابقه مع شعارات أندية عالمية وكذا قطاعات أمنية عربية موجودة شعاراتها أمام الجميع جهاراً نهاراً؟
مؤسف أن يمر هذا العبث على قدرات وكوادر بمكانة رجال أمثال كل من الخلوق جداً نائب الرئيس عامر السلهام والخبير الدولي أمين عام النادي علي حمدان, فهذان الرجلان مشهود لهما سعة الاطلاع على الرياضة العالمية ويتمتعان بثقافة واسعة تفوق رصيدهما المعرفي الرياضي المحلي، فإذن، من هو المسؤول عن حالة العبث والمسخ المسمى شعارا جديدا؟!
والسؤال الأهم نوجهه للجهة المسؤولة بالرئاسة العامة لرعاية الشباب فنسأل: أين هي من مثل هذا العبث؟ ولماذا لا تتخذ إجراءات عملية توقفه حفاظاً على الحق التاريخي للأندية من سطوة بعض الإدارات الشكلية؟؟!!